قبائل و عائلات

القبائل العربية في الواحات.. الجذور والتقاليد ودورها في تشكيل هوية الصحراء

أسماء صبحي – في قلب الصحراء الغربية تنتشر الواحات كحلقات واحات خضراء وسط محيط رملي جاف. تشكل معاقل للاستقرار البشري والحضاري منذ آلاف السنين. ومن بين العوامل التي ساهمت في استمرارية الحياة داخل هذه الواحات كانت القبائل العربية التي استوطنتها. وجلبت معها إرثًا من العادات والتقاليد والثقافة البدوية فامتزجت بحضارات أقدم. وأسهمت في تشكيل الهوية الاجتماعية والثقافية للمجتمعات الواحاتية حتى اليوم.

الجذور التاريخية للقبائل العربية

بدأ توافد القبائل العربية إلى الواحات المصرية منذ فجر الإسلام وتحديدًا في العصر الأموي والعباسي. وتزايد هذا التواجد في عصر الدولة الفاطمية ثم المماليك. لكن الذروة الكبرى لاستيطان العرب في الواحات حدثت بعد الفتح الإسلامي لمصر. حيث انتشرت القبائل في الصعيد والواحات الغربية لضبط الطرق التجارية وممارسة الزراعة والرعي.

أشهر هذه القبائل كانت قبيلة أولاد علي، والهنادي، والجوازي، والقطعان، والزوايدة، وأولاد خروف، والشناورة، وغيرها. وانتشرت هذه القبائل في واحات مثل الداخلة والخارجة والفرافرة وسيوة. وكان لها أثر كبير في بناء البنية الاجتماعية والسياسية في تلك المناطق.

أبرز القبائل العربية في الواحات

أولاد علي

يعد أولاد علي من أكبر وأهم القبائل التي انتشرت في الصحراء الغربية. وهم من نسل بني سليم القادمين من الجزيرة العربية عبر ليبيا. انقسموا إلى عدة بطون، مثل علي الأحمر وعلي الأبيض. واستقروا في مناطق مثل مطروح وسيوة وبعض أطراف واحة الفرافرة.

ويقول الدكتور حسام البدري، أستاذ الأنثروبولوجيا بجامعة القاهرة، إن قبيلة أولاد علي تمثل نموذجًا واضحًا للتمازج بين الأصالة البدوية والانخراط في البيئة الزراعية الواحاتية. ولعبت دورًا محوريًا في تأمين طرق التجارة بين واحات مصر وليبيا.

الهنادي

تعد قبيلة الهنادي من القبائل الكبيرة التي استقرت في واحة الخارجة. وتنتمي في الأصل إلى بني هلال. امتازت هذه القبيلة بالقدرة على التكيف مع البيئة الصحراوية. واعتمدت على الزراعة وتربية المواشي، فضلًا عن دورها التاريخي في حماية المناطق الحدودية.

الجوازي

قبيلة الجوازي أصلها من برقة الليبية، وقد هاجرت إلى مصر بعد صراعات مع الحكم العثماني في القرن التاسع عشر. واستقر جزء منها في واحات سيوة والسلوم والفرافرة. ويعرف عن الجوازي تمسّكهم بعاداتهم وتقاليدهم البدوية.

الزوايدة

من القبائل التي استقرت بشكل أساسي في واحة الداخلة، وهم جزء من عرب السعادى. ولهم تاريخ طويل في رعاية الإبل واستغلال الواحة في الزراعة وحفر الآبار.

التنظيم القبلي والسلطة المحلية

كانت القبائل في الواحات تمثل وحدة اجتماعية واقتصادية وسياسية قائمة بذاتها. إذ كان الشيخ أو العمدة هو من يدير شؤون القبيلة، ويتولى التحكيم في النزاعات، وتنظيم العلاقات مع القبائل الأخرى.

ورغم دخول الدولة الحديثة إلى هذه المناطق، ظل للتنظيم القبلي دور قوي في الحفاظ على الأمن. خاصة في المناطق الحدودية مثل سيوة والفرافرة. وفي بعض الحالات، كانت الدولة المصرية تعتمد على شيوخ القبائل في إدارة الأزمات أو ضبط الحدود.

العادات والتقاليد

حافظت القبائل العربية في الواحات على تراث غني من العادات والتقاليد. أبرزها:

  • الكرم: حيث يشتهر عرب الواحات بكرم الضيافة، وتقديم الطعام للضيف دون سؤال.
  • الشعر النبطي: لا تزال بعض القبائل تنظم الشعر النبطي باللهجة البدوية، ويتوارثونه شفويًا.
  • الزي التقليدي: يرتدي رجال القبائل الجلابيب البيضاء والعقال، والنساء الثوب المطرز والحلي الفضية.
  • الاحتفالات: مثل المولد النبوي، ومواسم الحصاد، وأعراس القبائل التي تمتد لأيام. وتقام فيها سباقات الخيل والشعر والغناء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى