بارزان: قبيلة كردية عظيمة وحكاية تاريخية في مواجهة التحديات

تعتبر قبيلة بارزان واحدة من أبرز وأكبر القبائل الكردية في العراق، وتعود أصولها إلى قرية بارزان الواقعة في قضاء الزبير بمحافظة أربيل. اسم بارزان يعني في اللغة العربية “مقابل الشمس”، وهو تعبير عن قوة وسمو هذه القبيلة التي نشأت وتطورت عبر العصور.
قديماً كانت هذه المنطقة مأهولة بشيوخ الطريقة النقشبندية الصوفية، الذين أسسوا مراكز دينية وانتشروا بين القبائل المحيطة، مما جعل بارزان محوراً هاماً للتعليم الديني والتصوف. بتأثيرهم الروحي واستقطابهم للقبائل المجاورة، أصبحت بارزان مع مرور الوقت عشيرة كبيرة تتألف من عدة عشائر من المنطقة، ومن بينها بروش، شيروان، مزوري، وهيركي.
تاريخياً، تقع أراضي عشيرة بارزان في مناطق الزيبار في شمال العراق، وتحديداً حول نهر الزاب الكبير، حيث تميزت بموقعها الجغرافي الذي جعلها محط أنظار القوى المحيطة. في مؤلفات تاريخية وجغرافية قديمة، ذُكرت عشيرة بارزان كواحدة من العشائر الكردية الهامة في منطقة بهدينان.
ما يميز بارزان أيضاً هو نظامها القبلي الذي اعتمد على اتحاد عدة عشائر، وليس عشيرة واحدة، وهذا الاتحاد جعل منها قوة مؤثرة على مر التاريخ. وقد أشار مسعود البارزاني في كتابه الشهير “البارزاني والحركة التحررية الكردية” إلى الدور الكبير الذي لعبه شيوخ بارزان، حيث أكد أن الشيوخ ينتسبون إلى سلالة أمراء العمادية في إمارة بهدينان. ويعود الفضل في تأسيس مكانة بارزان إلى الشيخ تاج الدين النقشبندي، الذي أسس التكية الشهيرة في القرية، لتصبح مقصداً للمريدين والطلاب، وتجذب آلاف الناس من مختلف المناطق.
كما أن الشيخ عبد السلام الأول، الذي تولى قيادة التكية بعد وفاة والده، كان له دور محوري في نشر التعاليم النقشبندية وزيادة نفوذ بارزان. من خلال علاقته الوطيدة بشيوخ النقشبندية في تركيا وبلاد الشام، ازدهرت بارزان كمنطقة ذات أهمية دينية وسياسية في آن واحد.
فيما يتعلق بتفسير اسم بارزان، تعددت الروايات حول أصول التسمية. البعض يعتقد أنها مشتقة من كلمة “به رازي”، والتي تعني “حامل الحق”، في حين يرى آخرون أن الكلمة قد تعود إلى “برازان” وتعني “إخوان الصفا”. ولكن ما يتفق عليه الباحثون هو أن بارزان كانت ولا تزال عشيرة عريقة ذات جذور عميقة في التاريخ الكردي، ويعتقد أن أصلها يعود إلى عشائر “هكاري” التي استقرت في هذه المنطقة الجبلية البعيدة.
أخيراً، تبقى قبيلة بارزان رمزاً للصمود والشموخ في وجه التحديات، متشبثة بتقاليدها وتراثها العريق، وسط تاريخ طويل من النضال والحفاظ على الهوية الكردية.



