صعود وسقوط جلال الدين منكوبري: بين الشجاعة والغدر في زمن المغول
في عام 628 هـ، تولى الحكم السلطان جلال الدين منكوبري، ابن السلطان العظيم علاء الدين محمد، وحفيد السلطان خوارزمشاه تكش، والذي ينحدر من سلالة الملك آتسز بن محمد بن نوشتكين الخوارزمي.
من هو جلال الدين منكوبري
أصبح سيد الأراضي والشعوب، وشهد عهده أحداثاً مذهلة. عندما غزت المغول أراضي ما وراء النهر، قاد والده علاء الدين جيشاً قوامه 15,000 مقاتل بقيادة جلال الدين، الذي تعمق في الأراضي المعادية وواجه المغول. وعلى الرغم من هزيمته الأولية، تمكن من النجاة بصعوبة. وفي النهاية، توفي والده في المنفى عام 617 هـ على جزيرة بعيدة في البحر.
وفقاً للمؤرخ الشهاب النسوي، كان جلال الدين رجلاً قصير القامة ذو بشرة داكنة وتركي الأصل، يتقن اللغتين التركية والفارسية. وكان يتميز بشجاعة فائقة، شبيهة بالأسود الضارية، وكان من أشجع الفرسان. وعلى الرغم من عدله، إلا أنه عاش في زمن الفتن والاضطرابات.
وذكر الموفق عبد اللطيف أن جلال الدين كان ذو بشرة داكنة مائلة للصفرة ونحيف الجسم، ويرجع ذلك جزئياً إلى أصوله الهندية من جهة والدته. وكان يرتدي طربوشاً مزيناً بشعر الخيل الملون. وعلى النقيض، كان أخوه غياث الدين يتمتع بجمال فائق وبشرة ناعمة، لكنه كان معروفاً بظلمه، وكانت والدته تركية.
وأضاف الموفق أن الفساد الأخلاقي كان منتشراً بين الناس، وكان الغدر سمة من سماتهم، حيث استولوا على تفليس بالخديعة، ثم خانوا الأمانة وارتكبوا القتل والسبي. وكانوا يتميزون بالنهب والقتل، وكانوا جياعاً وضعفاء العدد والعتاد.
واجه جلال الدين المغول وانتصر عليهم، وقتل قائدهم الذي كان ابن جنكيز خان. وعندما التقى الجيشان على نهر السند، هُزم جنكيز خان. ولكن بعد ذلك، وقع جلال الدين في كمين وتفرق جيشه، فهرب برفقة 4000 جندي إلى غزنة. وعندما توجه إلى كرمان، استقبله ملكها بكرم، لكنه خانه وقتله بعد أن اكتسب القوة. وتوجه بعد ذلك إلى شيراز، حيث فر منه صاحب المدينة، وأصبح موضع خوف من قبل المغول، الذين كانوا ليدمروا العالم لولا وجوده.
وفي إحدى الرحلات، التقى محيي الدين ابن الجوزي بجلال الدين ووجده يقرأ القرآن ويبكي، واعتذر عن تصرفات جنوده بسبب عدم طاعتهم. وقد تنقل جلال الدين بين الهند وكرمان وأعمال العراق، واستولى على أجزاء كبيرة من أذربيجان، وخان أتابك أزبك وطرده من أراضيه. وتزوج من ابنة السلطان طغرل، وقاتل الكرج وهزمهم، وقويت مملكته وزادت جموعه. ولكن في النهاية، تلاشى ملكه بعد أن هُزم من قبل الملك الأشرف موسى وحلفائه من الروم في أرمينية. وفي إحدى الليالي، هاجمه المغول، لكنه نجا بصحبة حوالي مئة فارس، ثم تفرقوا عنه حتى بقي وحيداً. وعندما طارده خمسة عشر مغولياً، واجههم وقتل اثنين منهم، فتراجعوا عنه. وصعد إلى جبل بالقرب من آمد حيث وجد الأكراد الذين أعطوه الحماية، ووعده أحد زعمائهم بكل خير. ولكن عندما ذهب الزعيم ليحضر الخيول ويخبر أقاربه، ترك جلال الدين مع والدته، وجاء كردي شجاع وقتله بحربة، مما أنهى حياته على الفور.