عادات و تقاليد

شاي العصاري” ..عادة متأصلة في قلب الصعيد

دعاء رحيل

يعتبر “شاي العصاري” من أشهر العادات المتأصلة في الصعيد، وخاصة المجتمعات الريفية، إذ يجتمع أفراد العائلة لتناول أقداح الشاي وقت العصاري يتسامرون فيما بينهم، ثم يتجه كل منهم بعد الانتهاء من تناول الشاي، إلى وجهته، فالأب قد يذهب إلى الغيط، فيما يخرج الأولاد إلى الشارع للعب الكرة، بينما تستكمل ربة المنزل أعمالها.

براد الشاي

تناول الشاي في منازل العائلات بالريف لم يكن مرتبطًا بفصل معين، بل هو عادة دائمة سواء في الصيف أو في فصل الشتاء، لكن يختلف المخبوز الذي يتم تناوله مع الشاي حسب التوقيت الزمني.

وفي هذا السياق قالت فاطمة المهدي، 67 عامًا، وهي تستعيد ذكرياتها مع شاي العصاري منذ عقود: “براد الشاي زمان كان بيجمعنا كلنا، مكانش زمان فيه بوتاجازات فكنا بنعمله على بابور الغاز، ونحضر الفايش جنبه لو كنا في الصيف، لكن بنخبز فريسكا في الشتاء وناكلها مع الشاي”.

ورغم ماطرأ من تقدم وحداثة فأحدث تغييرًا في أساليب الحياة والمعيشة في الريف، إلا أن العادات المتأصلة هناك تظل ثابتة حتى وإن تغير أسلوب تأديتها تزامنًا مع تطور التكنولوجيا والحداثة والتي اخترقت كافة مناحي الحياة.

صب الشاي

تطور البابور وأصبح بوتاجاز، وظهرت الغلاية “السخان الكهربائي”، وظهرت المشروبات سريعة التحضير كجميع مشروبات الكافيين من القهوة، والنسكافية، ومسميات أخرى، كلها اخترقت يوميات المعيشة باعتبارها مشروبات سريعة التحضير كما يميل البعض لتناولها لما تتسم به من منبهات لها القدرة على زيادة المجهود لدى متناولها خاصة في ظل ظروف المعيشة والعمل اللذان باتا يتسمان بالسرعة، مايساعد كل فرد على تناول تلك المستحضرات السريعة كل على حدة.

لكن رغم ذلك تظل العائلات محافظة على تقليد تناول الشاي وقت العصاري في جو من البهجة، فالبعض يتناوله وسط زرعه المحيط بمنزله كنوع من الترفيه وتغيير جو المنزل، والبعض يتناولونه في المنزل أمام التلفاز، كلها لحظات سمر رغم ما لحقها من اختلافات، إلا أنها ماتزال محتفظة تلك العادة بجوهرها وهو لم شمل العيلة والتسامر.

وأكدت المهدي، ظلت عادة شاي العصاري متأصلة وموجودة حتى الآن، لكن ماتغير فيها هو طبق الفايش أو الفريسكا، فلم تعد السيدات تهتم بصنع تلك المخبوزات بعد توفرها بمخابز الأفران الآلي المنتشرة في كل نجع وقرية، لكن كعادة أصيلة تلم شمل أفراد الأسرة فهي مازالت باقية حتى وقتنا هذا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى