«الكانيون» أعجوبة الطبيعة في سيناء

شبه جزيرة سيناء – محمود الشوربجي

قد يشعر الإنسان أنه ينظر إلى لوحات فنية تجريدية، بدلاً من مشاهد من الطبيعة، وذلك بسبب الدقة الربانية العجيبة وسط هذه الصخور، لكن عند النظر إلى المشاهد ومطابقتها بالطبيعة حاليًا ستكتشف عوالم مختلفة لم تعرف أن البلاد كانت تحتضنها قط، فهي أشبه بلوحات فنية رُسمت بعناية بالغة بدلاً من معالم كونتها الطبيعة؛ وهذا ما نحن بصدد الحديث عنه..

تقع منطقة الصخور الملونة والتي تُعرف عالمياً بـ ” كالارد كانيون” Colored Canyon بين مدينتي طابا ودهب بجنوب سيناء حيث تحتوي على أجمل الصخور الملونة التي وهبتها الطبيعة لشبه جزيرة سيناء ، وهي أحد المزارات العالمية المعروفة ، ويعرفها أهل المنطقة ويعشقها السائحون الأجانب ويقومون بزيارتها ، فهي منطقة شهيرة للمهتمين بالسياحة الطبيعية والبيئية وكذلك العلمية .
وهي عبارة عن صخور ملونة كثيرة في بطن أودية فرعية تصب في أصل الأودية الكبيرة ، وأكثرها جمالاً في المنطقة الواقعة بين مدينتي طابا شمالاً ودهب جنوباً ، والكانيون هي عبارة عن متاهة من الصخور الرملية بالألوان الأصفر والأرجواني والأحمر والذهبي ويصل ارتفاعها في بعض الأماكن إلى 40 مترًا ، وهي أحد العجائب الطبيعية التي وهبها الخالق لشبه جزيرة سيناء .

في إحدى جولاتي بمناطق سلسلة جبال نويبع ودهب في جنوب سيناء، انتقلت أنا ومجموعة من السياح الأجانب من الباحثين وعاشقين السياحة البيئية ورحلات السفاري إلى هذا المكان لاكتشافه واستطلاعه والواقع بين مدينتي نويبع شمالاً ودهب جنوباً عند منطقة عالية جداً تعرف بـ “الصَعَدة” ، عندها المدخل الرئيسي الشهير غرباً إلى منطقة “الكلارد كانيون” عندها تتوقف السيارات ولا وسيلة للتحرك سوى السير على الأقدام أو استئجار جملاً لكل واحد أو اثنين على الأكثر ، ووصلنا إلى المكان بعد رحلة سير على الأقدام بين الجبال العالية حيث المكان الساحر يتجلى علينا ، وهنا استطلعنا الصخور الملونة “الكانيون” والتي يُشار إليها بأنها واحدة من التكوينات الصخرية الأكثر روعة في العالم ، وحول الصخور غابات جميلة من الأعشاب والنباتات الطبيعية الجميلة ، منها أشجار الطرفاء والصفصاف والتفاح وبعض مزارع اليقطين .

ولتشكيلات الصخور الملونة جاذبية لا تضاهي ، منها من الحجر الرملي والجيري والجرانيت وعروق من البازلت التي تهيمن على المشهد بارتفاعها ، وبحسب الباحثين الجيوليجيون فإن البازلت هو من عائلة الصخر الجوفي الأكثر قاعدية، وهو حجر مهم لونه أسود ومتجانس و كثيف وثقيل ونسيجه ميكروليتي أو أحياناً زجاجياً.

وفي جولة بين الصخور الجميلة الملونة والتي تشبه الأكواخ الصخرية منها على شكل التوائي كالثعابين ومنها تشكيلات وعرة جداً وشديدة الخطورة ، كما تحيط بها غابة جميلة من النخيل ، وبعد 15 دقيقة من الصعود لأعلى بين الصخور المختلفة الألوان تشاهد طريق طويل من الحصى عندها نهاية الصخور ، ومن هنا نبدأ طريق العودة أو النزول إلى سفوح الجبال ، عندها تشاهد مناظر بديعة قلما تمنحها لك الحياة ، أيضاً تشعر وكأنك تسير في مجرى نهر جاف من الحصى المختلفة الألوان وحيطانه من الجبال العالية .

وأوضح لي أحد الباحثين الجيوليجيون أن الكانيون الملونة قد تكونت عبر سنوات طويلة بفعل الأكسدة وعوامل التعرية السريعة، مؤكداً أن كل لون يوضح عمراً جيولوجيا، حيث يكون الأكثر قتامة هو الأقدم سناً وأحدثها يكون اللون الأصفر ومنها كانيون الجيبى وأبو فرشة والروهيبة ومليحس بجوار وادي غزال، بالإضافة إلى كانيون الحميدات بوادي حبرة والتي تكونت بطرق نحت طبيعية ولا يوجد مثلها فى أى مكان فى العالم.

هذا وفي محيط المكان العديد من الاستراحات البدوية التي تقدم مختلف المشروبات الباردة والساخنة والأطعمة البدوية الشهيرة التي يشتهيها السياح الأجانب أثناء زيارتهم للمكان .

وبحسب خبراء في السياحة البيئية والسفاري ، إن “الكلارد كانيون” كانت تدر دخلاً يفوق دخل سياحة الأهرامات وبلغ أكثر من 40 مليون دولار فى العام الواحد للبدو وشركات السفاري .

وقال أحد المرشدين السياحيين العاملين بسياحة السفاري بمدينة نويبع، أن الكانيون الملونة تعد أجمل مناطق العالم إبداعاً ربانياً ، مشيرا إلى أن رحلات السفاري والكانيون الملونة هي رأس مال البدو المقيمين في هذه المناطق.