حوارات و تقارير

كيف أثر الغزو الروسي الأوكراني على موازنات الجيوش الغربية؟

دعاء رحيل

 
 
ظهرت تبعات الغزو الروسي الأوكراني سلبية على النفقات العسكرية للدول الغربية التي صعدت بشكل لافت بعد أن كانت في أدنى مستوياتها منذ العام 1991.
 
 
هكذا ضاعفت حرب روسيا على أوكرانيا موازنات الجيوش الغربية
سرعان ما ظهرت تبعات حرب روسيا على أوكرانيا سلبية على النفقات العسكرية للدول الغربية التي صعدت بشكل لافت بعد أن كانت في أقل مستوياتها منذ العام 1991.
 
وقد أغلب الدول الأوروبية زيادة ميزانيتها العسكرية بما فيها الدول الإسكندنافية ذات الصناديق السيادية العملاقة (رويترز).
 
 
كما تواجه الدول الأوروبية الآن منعرجا تاريخيا جديدا، باتخاذها لقرار الرفع من نفقاتها العسكرية بشكل غير مسبوق، ولم يشهده العالم منذ الحرب الباردة التي كانت أكثر فترة أنفق فيها العالم على التسليح بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.
 
فيما باتت الدول الأوروبية تقاوم الضغوط والانتقادات الأميركية بضرورة الرفع من نفقاتها العسكرية إلى ما فوق 2% من الناتج الداخلي الخام، قبل أن تأتي الحرب الروسية على أوكرانيا وتغير الكثير في العقيدة العسكرية الأوروبية التي كانت تقوم على تقليص النفقات العسكرية، بل إن دولا مثل المملكة المتحدة كانت تخطط للتخلص من عشرات الآلاف من جنودها.
 
فيما أعلنت دول أوروبية كبرى وغنية مثل ألمانيا وإيطاليا والدانمارك والسويد بشكل مستمر عن قرار الزيادة من الإنفاق العسكري، بشكل غير مسبوق.
 
 

عقيدة جديدة

كانت المفاجأة الكبرى في إعلان المستشار الألماني أولاف شولتز تخلي بلاده عن عقيدة استمرت لعقود، والقائمة على التحكم في الإنفاق العسكري، ورفع الميزانية العسكرية من 56 مليار سنويا إلى 100 مليار في السنة.
 
القرار الألماني جاء بسبب “المنعطف التاريخي الذي تعيشه القارة”، في إحالة إلى الحرب الروسية على أوكرانيا. كما قررت ألمانيا ولأول مرة أيضا تزويد دولة في منطقة نزاع بالأسلحة، وبذلك أنهت سياسة بدأت منذ الحرب العالمية الثانية واستمرت لحين اندلاع الحرب في أوكرانيا.
 

عودة الدول الكبرى

لم تكن ألمانيا الوحيدة التي أعلنت الصعود المتزامن في نفقاتها العسكرية، من بين الدول الأوروبية الكبيرة، فبريطانيا ورغم إقرارها لزيادة في ميزانية الدفاع بأكثر من 16.5 مليار دولار، إلا أن الضغوط تتزايد على حكومة جونسون لزيادة الإنفاق وجعل بريطانيا تكون أكثر دولة في أوروبا تنفق على الدفاع وتتجاوز حتى ألمانيا وتنفق بريطانيا حاليا حوالي 87 مليار دولار سنويا.
 
أما هولندا فقد صرحت بصعود لافت في نفقاتها العسكرية بنسبة 6.5% في هذه السنة، كما أعلنت أنها سوف تستثمر 15 مليار دولار في الدفاع خلال السنوات الثمانية المقبلة، مع توقعات بالرفع من هذا الرقم بسبب الحرب في أوكرانيا.
 
ومن جهتها أفادت الحكومة الإيطالية بأنها سوف تحذو حذو ألمانيا، وقال رئيس الوزراء ماريو دراغي “إن اللحظات التاريخية تحتاج لقرارات تاريخية”، وأكد أن بلاده هي الأخرى سوف ترفع نفقاتها العسكرية لما فوق 2% من الناتج الداخلي الخام، بعد أن ظل الإنفاق العسكري مجمدا في حدود 1.3% من الناتج الداخلي الخام لسنوات عديدة.
 
كما أكدت فرنسا أنها ستزيد من ميزانية الدفاع لهذه السنة بأكثر من مليارَي دولار، في وقت تحقق فيه هدف تخصيص 2% من ناتجها الداخلي الخام للجيش.
 

الميزانية العسكرية 

وكأن القرار الألماني دق ناقوس الخطر في معظم الدول الأوروبية، التي أعلنت تباعا الرفع من ميزانيتها العسكرية، بما فيها الدول الإسكندنافية ذات الصناديق السيادية العملاقة، والتي كانت تنتهج سياسة متحفظة في الإنفاق العسكري.
 
وأعلنت الحكومة السويدية عن قرار ظل محل جدل لسنوات، وهو الرفع من الإنفاق العسكري الذي انطلق سنة 2021 وسيستمر إلى سنة 2025، ليصل إلى 10 مليار دولار، بارتفاع تبلغ نسبته 45%، مقارنة مع ميزانية سنة 2020.
 
وأضاف الجيش السويدي أنه وضع قواته على أهبة الاستعداد، وأنه قادر على تعبئة 280 ألف جندي، إضافة لصفقة شراء طائرات من طراز “إف-35” (F-35) الأميركية.
 
أما الدانمارك فقد أكدت أنها سوف ترفع تدريجيا من إنفاقها العسكري -بعد الحصول على موافقة البرلمان- ليتجاوز عتبة 2% من الناتج الداخلي الخام سنة 2033، وهو ما يعادل زيادة سنوية بقيمة 2.6 مليار دولار سنويا.
 
فيما حافظت الدانمارك على إنفاق عسكري لا يتعدى 1.3% من الناتج الداخلي الخام، قبل أن تقرر سنة 2019 رفعه إلى نسبة 1.5%، إلا أن التطورات الأخيرة دفعت بهذه الدولة الغنية إلى الانتقال للسرعة القصوى ورفع الإنفاق لما فوق 2%.
 

المعسكر الشرقي

تجد دول شرق أوروبا نفسها معنية أكثر من غيرها بالحرب الروسية على أوكرانيا، ولهذا فقد أعلنت جل دول هذه المنطقة عن زيادة غير مسبوقة في نفقاتها العسكرية.
 
وأعلن الرئيس الروماني أن بلاده سترفع نفقاتها العسكرية من 2% من الناتج الداخلي الخام، إلى 2.5% بداية من العام الحالي.
 
نفس الهدف أعلنت عنه لاتفيا التي كانت إلى وقت قريب تعارض الرفع من الإنفاق العسكري، قبل أن تتراجع عن القرار وتعلن الزيادة هي الأخرى.
 
أما بولندا التي تعد من الدول المعنية وبشكل كبير بهذه الحرب، فقد أقرت إستراتيجية للرفع من نفقاتها العسكرية لتصل إلى 3% من ناتجها الداخلي الخام بحلول العام المقبل.
 
ومن المتوقع أن تصل الميزانية العسكرية لبولندا إلى 22.2 مليار دولار بحلول العام 2023، وهو ما يعادل ارتفاعا بنسبة 47%، مقارنة بميزانية 2022 التي وصلت إلى 15.1 مليار دولار.
 
بينما تضم هذه الخطوة الرفع من عدد الجنود بالضعف لينتقل من 143 ألفا و500 إلى 300 ألف جندي خلال السنوات الخمس المقبلة.
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى