مصرنا العظيمة
بقلم ..الكاتب السعودى د . عبدالله بن محمد الشيخ
أهل مصرنا الكرام هذه رسالة من القلب إلى القلب ، رسالة من محب وعاشق لتراب مصر الطاهر ، كيف لا ، وقد جرت في عروقي دماء مصر الزكية ، فوالدتي الكريمة من بنها العسل ووالدة جدي من أشمون المنوفية ، أقول لأهلي وناسي وأحبابي في مصرنا الحبيبة ، بلادكم بلاد الخير والأمن والإيمان، بلاد التاريخ والأصالة والتراث ، بلاد العلم والمعرفة والثقافة والفنون ، بلاد الخير والبذل والعطاء ، يوم أن لم يكن لدى العالم العربي ما يقدمه ، كانت مصرنا الحبيبة تقدم الخير كل الخير للجميع ، فكانت تقرض دولاً
تصرف على الحج والحجيج ، تقدم المساعدات لكل محتاج .
كانت مصرنا الحبيبة ولا زالت تقدم أجمل عطاء ، عطاء العلم والفكر والمعرفة ، فاساتذتها الجامعيين ومعلميها ومفكريها ينتشرون في جميع أصقاع الأرض ، وما من بلد عربي ألا ويعترف لمصر العظيمة بالفضل في التعليم والمعرفة، فيوم أن كانت الدول العربية لا تعرف أبجديات التعليم ، كانت مصرنا الحبيبة تبعث برجالها ليبثوا نور العلم والمعرفة في الدول العربية ، ومن لا يقر بهذا الفضل لمصر فهو، إما جاهل يحتاج إلى تعليم ورفع الجهل عنه ، وإما مغالط ومكابر أحمق لا طب له ولا فائدة منه لأن الحماقة أعيت من يداويها ، وإما حاقد ناقم حاسد وهذا مرضه كفيل به بأن يقضي عليه لأن الحسد يأكل صاحبه.
أقول ان فضل مصر ومكانتها وصدارتها وكونها قلب العالم العربي وصمام أمانه وخاصرته ، هذا الفضل وهذه المكانة لا يجهلها ولا ينكرها عاقل ، ونحن هنا لا نخاطب إلا العقلاء.
أعود هنا للحديث لأهلنا أهل مصرنا الحبيبة وأقول لهم ، بلادكم بلاد عظيمة ، عظيمة بتاريخها، عظيمة بتراثها ، عظيمة بحضارتها، عظيمة بفكرها بعلمها بثقافتها بمعرفتها بفنونها ، عظيمة بأهلها الطيبين الكرام الذين يعشقون بلادهم عشقاً لا مثيل له ، أقول بلادكم هي مصر المحروسة بحراسة الباري عز وجل لها.
نحن نعلم جميعاً ، كم كانت حجم المؤامرة التي دُبرت لاسقاط مصرنا الحبيبة ، ومن ثم إسقاط سائر العالم العربي تباعاً بعد مصر .
نعلم جميعاً كيف تداعى أعداء مصر عليها وأجلبوا بخيلهم ورجلهم ووجدوا أن الفرصة سانحة لهم لاشعالها حرباً أهلية وتدمير البلد وتشتيت أهلها وتشريدهم ، كما صنعوا قبل ذلك في العراق وسوريا وليبيا ، وقد تناسى هؤلاء بأن مصرنا هي المحروسة ، فكان ما أراد حارسها الباري سبحانه، لا ما أراده أعداؤوها،
وتجاوزت مصرنا العظيمة الأزمة بتوفيق من الله عز وجل قبل كل شىء ثم برجالها المخلصين الابرار سواء من رجال جيشها العظيم خير أجناد الأرض، أو زعمائها ومفكريها وسائر رجالها ونساءها ،
وكذلك بوقفة زعماء العالم العربي المخلصين بدءاً بالملك عبدالله يرحمه الله ، ووزير خارجيته الامير سعود الفيصل يرحمه الله يوم أن جاب العالم وهو يصارع المرض ، من أجل مصر ، لأن هؤلاء العقلاء كانوا يعلمون علم اليقين بأن سقوط مصر يعني انفراط عقد العالم العربي ومن بعده الإسلامي أجمع ، لذا كانت هبتهم ووقفتهم ونجدتهم لمصرنا العظيمة .
أقول بعد أن عادت لمصرنا الحبيبة مكانتها واستقرارها وأمنها وأمانها وفرضت قياداتها احترام مصر ومعرفة مكانتها التي هي الصدارة .
لابد لنا أولاً من شكر الباري عز وجل على ما من به وتفضل ، وبالشكر تدوم النعم ، ثم لابد لنا بعد ذلك من التفاف حول القيادة ، التفاف هادف بناء ، التفاف لمصر ولأجل مصر ، نقول لهذه القيادة ما لها وما عليها ، نثنى على انجازاتها وننتقد تقصيرها في حدود العقل والقنوات المتاحة، لكنه نقد هادف بناء لصالح مصر ، لا نريد النقد لمجرد النقد ، أو أن يكون حالنا فقط الانتقاد للسلبيات دون نظر إلى الايجابيات فهذا ظلم واجحاف .
نحن نعلم جميعاً بأن القيادة ترسم استراتيجيات وتصنع نهضة معاصرة وتريد للمواطن المصري حياة كريمة تليق به .
ونعلم في نفس الوقت أن الأمر ليس بالهين مع الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها مصر بخاصة والعالم عامة .
ونحن نعلم الأثر الذي تركه تعطل دفة البلاد لأكثر من عام ، وهي بلد ضخمة تجاوز تعداد سكانها المائة مليون .
وهنا أوجه خطابي لقيادة مصرنا الحبيبة وأقول لها :
شكر الله لكم جميع ما تبذلونه وتقومون به من عمل أكثر من رائع وهي جهود جبارة يشهد لها الجميع ويقر لكم بذلك ، لكني أقول بأن طبقة الفقراء والعاطلين تحتاج إلى وقفة صادقة وأن تكون من أولى الأولويات
، فهم يعانون معاناة لا يعلمها إلا الله ، لابد من تسخير كافة الإمكانيات والطاقات من أجل هؤلاء ، فقد زرت محافظة أسيوط وشاهدت كم هي حجم معاناة الناس هناك ، وأنا أعلم علم اليقين بأن القيادة ، لا تغفل عن مثل هذه الأمور، لكن الناس تحتاج إلى واقعاً ملموساً يرفع عنها معاناتها .
وفى نهاية حديثى وأقول لأهلي وأحبابي في مصرنا العظيمة بلدكم أمانة في أعناق الجميع ، ولن يستقيم أمرها بأن نستمر في دوامة ما سمي بالربيع العربي ، وتبقى حياتنا كلها انتقادات وتطاول على بعضنا البعض
، لابد من اجتماع الكلمة ووحدتها ، وأن نجعل نصب أعيننا أمراً واحداً ، هو عزة مصر ورفعتها والعمل من أجلها ، فلابد من أن نتساءل جميعاً ، ما الذي قدمناه وممكن أن نقدمه الى امنا مصر ، لا أن نبقى فقط نتساءل ما الذي قدمه فلان وما الذي قدمه فلان ، ولا نسأل انفسنا ماذا قدمنا ، البلد تحتاج للجميع ولن تقوم
إلا بسواعد الجميع ، نحتاج جميعاً إلى مراقبة الله عز وجل في أنفسنا قبل كل شىء ، ثم في بلادنا وعملنا وعلمنا ومالنا وأزواجنا وأولادنا ، علينا أن نراجع حساباتنا ونتذكر، بأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا
ما بأنفسهم ، نريدها وقفة صادقة وتجديد لحياتنا كلها لنفتحها صفحة جديدة صفحة مصالحة مع ربنا ، ومع والدينا ومع أزواجنا وأولادنا وأهلنا وجيراننا وزملاءنا وجميع من في مصرنا حبيبة ، لنصلح النيات ولنتراحم بيننا ففي الحديث الراحمون يرحمهم الرحمن ، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ، لنفتحها صفحة جديدة من المصالحة مع الجميع .
اختم رسالتي بحديثي لشباب مصر عماد هذه الأمة ومستقبلها المشرق الزاهر بإذن الله ، أقول لكم أنتم في نعمة عظيمة بأن ولدتم أولاداً لهذه البلاد المباركة العظيمة بكل ما فيها ، وكل ما فيها جميل ورائع
، بلادكم تنتظر منكم الكثير و الكثير، فالله الله في هذه الأمانة الملقاة على عاتقكم ، قوموا بحقها علماً وتعلماً وفكراً وثقافةً ووعياً لتكونوا بحق واجهات مشرقة مضيئة لمصر، كما كان اسلافكم وآباؤوكم وأجدادكم اجعلوها صرخة مدوية ورسالة تقول للعالم أجمع نحن عز مصر وشرفها ، وعزها وحاضرها المضىء المشرق ، تسلموا راية عشق مصر ومحبتها والبذل من أجلها والتضحية بكل ما هو غال ونفيس ، فعشق المصريين لبلادهم ليس له مثيل ويضرب به المثل ، فرغم كل معاناتهم تبقى مصر هي مصر .
اللهم انا نسالك باسمك الاعظم لمصرنا الحبيبة الأمن والأمان والإيمان والخير والرخاء
اللهم اجمع كلمة أهلها على الخير وافتح لهم من واسع أبواب فضلك وعطائك
اللهم احفظهم بحفظك واكلأهم بعنايتك
اللهم ادفع عن مصرنا شر الأشرار وكيد الفجار وحقد الحاقدين ومكر الماكرين
اللهم احرسها بعينك التي لا تنام اللهم اصلح حال الراعي والرعية اجمع كلمتهم على الحق والف بين قلوبهم واصلح ذات بينهم
اللهم امين اللهم امين اللهم امين