أنساب

مشجرات أنساب القبائل والعوائل العربية

كتاب مهم جدير بالاقتناء والقراءة: مشجرات أنساب القبائل والعوائل العربية .. مع ملاحظات تاريخية وجغرافية.

المؤلف: لعالم الالماني فرديناند فوستنفلد.

ترجمة: محمود كبيبو.

تحقيق وتقديم: ماجد شُبَّر.

إصدار: دار الوراق للنشر – لندن.

سنة الصدور: 2014.

عدد الصفحات: 52 مشجرة + 464 – مجلدين.

التجليد: فني.

القياس: 28 سم × 21 سم.

_______________________________

من مقدمة المؤلف : –

تشكل سجلات الأنساب إحدى أهم الظواهر المتميزة في تاريخ العرب وآدابهم؛ فما من شعب على وجه الأرض لديه شيء ممائل، وما من شعب يعلق مثل هذه الأهمية على الأصل النبيل وعلى معرفة سلسلة الأجداد دون أي انقطاع، وما من شعب يتحدث بمثل هذا القدر عن النسب وعلاقات القربى، ولا يوجد تقريباً أي كتاب عربي إلا ويُشار فيه بشكل أو بآخر في كل صفحة إلى هذه المسألة. ولذلك كانت دراسة الأنساب، إلى جانب الشعر وعلم الفلك، من أول النشاطات العلمية للعرب، ومن دراسة النسب انتقلوا إلى التاريخ بأن ذكروا إلى جانب أسماء الشخصيات المشهورة أفعالها أيضاً. وبين الأعمال المكتوبة أيضاً تحتل مؤلفات الأنساب مكانة مبكرة عند العرب، ومراجعهم غنية جداً بها، وهناك العديد من الكتب التاريخية الكبيرة التي تحتوي على فصول خاصة عن الأنساب. ومع ذلك ليس هناك أي مرجع يحتوي على كل شيء بل إن المراجع يكمل بعضها بعضاً بأن يتوسع هذا الكتاب مرة وذاك الكتاب مرة أخرى بتفرعات القبائل الرئيسية.

 

من الضروري أن أذكر في بادئ الأمر المؤلفات التي اعتمدت عليها عند إعداد مشجرات الأنساب؛ ومن الممكن تقسيم هذه المراجع إلى ثلاث فئات:-

 

1- المؤلفات النظرية، أي تلك التي تعرض فقط نظام نسب العائلات والأشخاص، وتشمل هذه الفئة تلك الفصول من كتب ابن قتيبة، وأبو الفدا، والنويري، التي يعالج فيها علم الأنساب، ثم المؤلفات الخاصة لمحمد بن حبيب وعبيدللي، وأحمد بن عنبة ( عتبة) ، والمقريزي.

 

2- المؤلفات العملية، أي الكتب البيوغرافية ( كتب السيرة) والتاريخية التي تذكر فيها سلسلة نسب بعض الأشخاص ودون انقطاع حتى جد مشهور أو رئيس قبيلة، وتذكر فيها بين حين وآخر علاقة القربى أيضاً؛ وتشمل هذه الفئة ابن قتيبة في الجزء البيوغرافي من مؤلفة المرجعي، وابن خلكان، والنووي، وطبقات الحفّاظ.

 

3- المؤلفات النظرية ـ العملية، أي الكتب التي يعالج فيها تسلسل نسب قبائل وعائلات معينة عن طريق أشخاص معينين كما في كتاب الطبقات لابن سعد، وكتاب علم الكلمات وعلم الأنساب لابن دريد؛ وينتمي إلى هذه الفئة أيضاً الكتب المرتبة أبجدياً: لباب، ولب اللباب، ومقالة أبو الفضل المقدسي.

قد لا تكون هناك ضرورة لأن نذكر أن ما من كتاب من هذه الكتب يقدم عرضاً بصيغة المشجرات، بل إنها جميعها تعدد النسب بصورة متسلسلة، إذا لم ترد عند كتّاب آخرين طريقة عرض مشابهة، كما هي مألوفة عندنا. وبينما تطلق على سلسلة النسب، وخاصة على الخط المباشر حتى جد مشهور، مثلاً من النبي محمد حتى عدنان، التسمية ” عمود النسب”، يسمي العرب تفرع النسب من جد واحد ” شجرة النسب” ويصورون نسب أسرة معينة على شكل شجرة فعلاً مؤلفة من أغصان وفروع. والنموذج المرفق هنا مع الجداول مأخوذ من كتاب ابن خلدون التاريخي استناداً إلى المخطوطة الموجودة في لايدن.

 

أي إن المشجرات مأخوذة من الكتب المذكورة أعلاه، وكما سبق ولاحظت في المحاولة الأولى التي قدمتها لمؤتمر المستشرقين في دارمشتات عام 1845 بأن معلومات المؤلفين الذين استندت إليهم آنذاك متطابقة تماماً، فإنني أستطيع قول الشيء نفسه أيضاً عن الكتّاب الإضافيين الجدد مع استثناء وحيد وهو أنني عند تصنيفي للقبائل اليمنية لم أعد أعتمد على ابن قتيبة. صحيح أن هناك بعض الأخبار المختلفة حول تلك القبائل ولكن لا يبتعد أي منها عن البقية بمقدار ما يبتعد ابن قتيبة الذي يبدو أنه لم يكن مطلعاً بشكل جيد على هذا الجزء الذي يعالجه أيضاً باقتضاب كبير.

 

أما فيما يتعلق بأنساب القبائل القحطانية “الإسماعيلية” فلا يوجد في المؤلفات المستعملة هنا اختلافات في المعلومات تستحق الذكر سوى بعض الفوارق الطفيفة عند هذا المؤلف أو ذاك والذي سرعان ما يتبين أنها ناتجة عن الوقوع في خطأ. وهذا الجزء من عملي مثبتٌ تماماً بحيث إن الاختلافات التي نجدها عند كتّاب عرب، والناجمة غالباً عن أخطاء في النسخ، يجب تصحيحها استناداً إليه. وهناك في هذا الصدد نقطتان يجب أخذها بعين الاعتبار، تتعلق الأولى بعرض المؤلفين العرب، والثانية بمصداقية هذا العرض. وبما أن جداولنا قد وضعت استناداً إلى أفضل المؤلفين المعترف بهم، فإنها تقدم فكرة صحيحة عما اعتقده وعلّمه العرب أنفسهم عن علاقات القربى بين قبائلهم وعائلاتهم، وهذا هو من بادئ الأمر الشيء الرئيسي من أجل فهم المؤلفين. أما فيما يتعلق بمصداقيتهم فيبدو أنهم ابتغوا الحقيقة بأعلى درجة لها ولا أظن أن هناك حاجة لاستعمال وسائل اصطناعية وافتراض وجود إهمال لبعض العناصر في سلاسل النسب من أجل الحصول على تسلسل تاريخي متماسك، ولكن يجب الانطلاق من مبادئ أخرى غير تلك التي اعتمدت حتى الآن عند مقارنة المعلومات المتعلقة بالأنساب والتسلسل التاريخي. وقد درجت العادة ، في سلاسل النسب الطويلة، على اعتبار عمر الإنسان 30سنة أو على حساب ثلاثة أجيال كل مئة عام؛ وهذا عمر قصير بالنسبة لسكان الصحراء البسطاء والأقوياء؛ وحتى رايسكه كان قد افترض العمر الوسطي 40 عاماً، وهذا عمر لا يبدو طويلاً حسب بعض الأخبار المؤكدة، ولكنه يعني بالنسبة لسلسلة مؤلفة من عشرين جيلاً زمناً إضافياً قدره قرنان من الزمن.

 

من أجل إثبات ذلك نريد الاقتصار على عدد قليل من الأمثلة.

كان لأبي طالب أربعة أبناء: طالب، وعقيل، وجعفر، وعلي، وكان كل منهم أصغر عشرة أعوام عن الذي سبقه ؛ وهذا يعني أن علياً كان أصغر من أخيه طالب بمقدار ثلاثين عاماً، وهذا هو إذن مقدار الفرق، سواء حسبنا الجيل التالي من أبي طالب حتى ابنه البكر أو حتى ابنه الأصغر، وفي هذه الحالة يمكننا اعتبار العمر الوسطي أربعين عاماً أو أكثر قليلاً. ويذكر ابن خلكان، أمثلة أخرى من هذا النوع: ” محمد بن علي بن عبد الله، أبو أبي العباس السفاح وأبي جعفر المنصور، ولد في عام 60 وتوفي في عام 126؛ وأخوه عبد الصمد ولد في عام 104 وتوفي في عام 185، فكان إذن بين تاريخ ولادتهما 44 عاماً وبين تاريخ وفاتهما 59 عاماً. وكان هذا العبد الصمد قد قاد قافلة الحج في عام 150، وكان يزيد بن معاوية قد قادها في عام 50؛ وبينما ينحدران كلاهما من عبد مناف في الدرجة السادسة، فقد عاش الأول بعد مئة عام من هذا الأخير”. ويذكر ابن قتيبة، ، موسى بن عبيدة الذي كان عمره يقل 60 عاماً عن عمر أخيه عبد الله.

 

إذا ما افترضنا 40 عاماً للجيل الواحد فإن 22 جيلاً من النبي محمد حتى عدنان تكون قد استغرقت فترة زمنية قدرها 880 عاماً، أي من ميلاد النبي محمد في عام 570م حتى حوالي عام 300 قبل الميلاد. وانطلاقاً من مبدأ عدد متساو من الأجيال سيعني تقريباً عدداً متساوياً من السنين فإن جميع الأشخاص الذين ينحدرون من عدنان في الدرجة 22 يجب أن يكونوا قد عاصروا النبي محمد. وينطبق هذا على مشجراتنا بدقة كبيرة تفوق المتوقع، إذ إن غالبية أوائل معتنقي الإسلام ينتمون إلى الدرجة 20 حتى 24 من عدنان وذلك حسب كونهم أكبر من محمد أو أصغر منه سناً. وإذا ما قارنا الآن فصائل القبائل اليمنية فإننا نلاحظ، وبالتحديد لدى عائلات المدينة، أن معاصري محمد ينتمون إلى الدرجة 30 حتى 34، أي إن هناك عشرة أجيال أكثر، أي ما يعادل 10×40= 400سنة. وهذا يعني أن الجد الأول قحطان يجب أن يكون أقدم من عدنان بمقدار 400 سنة وبالتالي يجب أن يكون قد عاش في عام 700 قبل الميلاد. وهذا الحساب تثبت صحته لدى الأشخاص والأحداث التي يضطر المرء إلى تحديد زمنهم استناداً إلى دلائل أخرى بسبب نقص المعلومات التاريخية المتوفرة عنهما؛ ومنها، على سبيل المثال، انهيار سد مأرب والهجرة الكبيرة للقبائل اليمنية التي تبعت هذا الحدث الذي يوضع عادة في القرن الأول بعد الميلاد؛ ونحن نجد قائد هؤلاء المهاجرين على الخط 17 بعد قحطان، أي إنه قد عاش بعد 17×40= 680 عاماً من قحطان، وهذا يعني أنه ولد في عام 20 قبل الميلاد وكان في منتصف القرن الأول الميلادي واحداً من أكبر أبناء قبيلته سناً. كما أن العلاقة المفترضة بين الشعبين العربيين الرئيسسين تثبت صحتها أيضاً عندما نذكر من كليهما أشخاصاً عاصروا بعضهم بعضاً، وأيضاً وبشكل خاص من زواج نساء يمنيات من رجال العدنانيين “إسماعيليين” أو بالعكس، بحيث يكون عندئذ، بسبب كون القبائل اليمنية تبدأ قبل عشرة أجيال، عدد درجات الأجيال المنحدرة منهن يزيد بمقدار عشر درجات تقريباً عن أجيال الإسماعيليين؛ على سبيل المثال: خندف بنت حلوان كانت زوجة الياس ؛ ومزينة ابنة كلب كانت متزوجة من عمرو بن أُد ؛ وضرية بنت ربيعة كانت زوجة حلوان ابن عمران. وإن نجد هنا لدى فروع مختلفة، متباعدة عن بعضها، بعد عدة قرون فرقاً كبيراً في عدد الحلقات فهذا أمر مفهوم، تماماً كما تبين لنا في المثال المذكور أعلاه أنه قد نشأ لدى عدد متساو من ستة أجيال فرق في الزمن قدره 100 عام. وهكذا نجد أيضاً أن بعض الأشخاص الذين عاصروا النبي محمداً لهم حتى عدنان 17 جدّاً بينما نجد لدى آخرين 27 جدّاً. ولهذا السبب اعتبرت الدرجة 22 التي يقف عليها النبي محمد الدرجة المتوسطة وفي الوقت نفسه العادية. واعتباراً من هنا نجم التصنيف تلقائياً بحيث إنني اعتباراً من عدنان جعلت القبائل تتعاقب مثل تعاقب الأشخاص الذين يؤدون إلى النبي محمد بخط مباشر

وبما أن علاقات المؤلفين العرب بقبائلهم لا تهتم إلا نادراً بالتفرعات اللاحقة لتلك التي كانت قائمة في عهد محمد فإنني أنا أيضاً اقتصرت في جداولي بصورة عامة على معاصري محمد وعلى خلفهم القريب؛ ولم أتابع سلسلة النسب إلا لأشخاص معينين مشهورين وُصفت حياتهم في المؤلفات المستعملة، ولكنني لم أتابع بالتحديد عبيدلي وأحمد بن عتبة عن أحفاد علي والتي كان من الممكن أن ينتج عنها بكل سهولة عشرون جدولاً آخر لهذه العائلة وحدها. بالمقابل اعتقدت أنه يتعين علي تركيز الاهتمام بشكل خاص على العائلات الحاكمة لأنه لم يسبق حتى الآن لأي كاتب أوروبي أن عرض مشجرات نسب هذه العائلات بشكل صحيح ولا بشكل مفصل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى