فنون و ادب

المشهد الشعري في سيناء.. بين البحر والنخيل والصحراء

رؤي وتأملات ... خارطة شعراء سيناء

كتب : حاتم عبدالهادي السيد

يتوزع المشهد الشعري في سيناء بين الأدب الرسمي” الفصيح “، وبين ” الشعر البدوي ” النبطي” ، ولا يمكننا بالطبع أن نفصل أحدهما عن الآخر، فخصوصية سيناء تبدو في الشعر النبطي، بينما تتوزع خصوصية المدينة بين جميع أشكال الشعر الأخرى. ويعد الشعر النبطي واحداً من طرق التعبير الشفاهي الشعرى الذى نجده عند شعراء الخليج العربي والبوادي العربية والمملكة العربية السعودية وبادية الشام، وغيرها. .

واذا كان الخليل بن أحمد الفراهيدي قد استحدث موسيقا الشعر العربي العمودي وتفاعيله ، وتبعه الأخفش بإضافة بحر المتدارك، الا أن الشعراء الشعبيين النبط قد استحدثوا بحوراً مغايرة عن بحور الخليل ، لتتمايز الشعرية العربية ، ولتندغم اللهجة العامية الشعبية في تناسق وزنى ولحني اقتضته طبيعة النبر اللهجي، والموسيقا الخاصة التي تتناسب والبيئة الصحراوية ، حيث مفردات الطبيعة الصحراوية تشكل هوية وأغراض هذا اللون الشعرى الجميل/ ومن أشهر شعراء البادية الشاعر : عنيز أبو سالم، حسين التيهي، وغيرهما .

ولعلنا هنا سنقصر حديثنا في المشهد الشعري على شعراء سيناء الذين يكتبون بدون اللهجة البدوية، ولمن أراد أن يعود لشعراء البادية فإنني أحيله إلى كتبي عن الشعر النبطي، مثل كتاب : ” الشعر النبطي في سيناء”، ” الشعر البدوي، ثقافة البادية، ” موسوعة أعلام سيناء، وغير ذلك .

خارطة شعراء سيناء

 

بدأت الحركة الشعرية في سيناء منذ القدم بجهود شعراء كانوا يلهجون الشعر دون معرفة بأوزانٍ، أو بحور، إلا أن التأريخ للحركة الشعرية في سيناء بشكل فاعل يبدأ منذ الخمسينات على أيدي شعراء كتبوا الشعر العمودي بشكل رصين، وكان أبرزهم الشعراء : محمد عبدالوهاب خطابي، أحمد سلامة الليثي، سالم اليماني، جمعة حماد جهامة الشيخ محمد عايش عبيد، محمد فؤاد يعقوب، الشيخ عيد أبو جرير، عبدالهادي محمد السيد، حسن كامل شعبان، زكريا حمدان الرطيل ، وغيرهم .

ولنا أن نعرف أن محمد عبدالوهاب خطابي هو أول من نشر قصيدة في جريدة المقطم ، ثم تبعه الأستاذ، سالم اليماني – وكان أميناً عاماً للاتحاد الاشتراكي العربي، كما نشر جمعة حماد جهامة بجريدة الدستور بالأردن – وكان وزيراً للثقافة في الأردن بعد هجرته من سيناء إلى الأردن في الستينات . كما صدر أول ديوان شعري لشاعر سيناوي عام 1952م بعنوان وطنيات، للشاعر أحمد سلامة الليثي، ثم تبعه دواوين : ديوان ” بستان المحبة” للشاعر والشيخ عيد أبو جرير – شيخ ومؤسس الطريقة الجريرية الصوفية بشمال سيناء ومصر ، ثم دواوين الشيخ محمد عايش عبيد عن السيرة النبوية، ديوان سيرة النبي “ص” شعراً” للشاعر محمد فؤاد يعقوب، وغيرها.

ويمكن لنا أن نقول : إن الحركة الشعرية في سيناء بدأت- فعلياً – بعودة سيناء إلى السيادة المصرية بعد فترة الاحتلال الغاشم لها من قبل الصهاينة، وتحرير سيناء عام 1979م، وهو عمر قصير في تاريخ حركة الشعر المصري، إلا أن أدباء سيناء المعاصرين كانوا يسابقون الزمن لوضع سيناء علي خارطة الشعر المصري، وقد كان.

وتبدو الريادة لحركة الشعر التي كان لي شرف قيادتها أنا– حاتم عبدالهادي السيد – ” كاتب هذه السطور “، مع شعراء كبار أمثال : الشيخ محمد عايش عبيد ، د. رمضان الحضري، عماد قطري، اسماعيل أبو زعنونة، محمد المغربي، أشرف العناني، علي نجم، بركات معبد، د. أحمد سواركة ، سامي سعد ، عبدالقادر عيد عياد، د. سمير محسن، عبدالكريم الشعراوي. محمود فخر الدين، أحمد فاضل، دنيا الأمل اسماعيل حسونة، نبيه البيك، سمير ثابت ، حسن غريب ، وغيرهم . كما كان من بين الأوائل : أحمد أبو حج، مصطفى آدم، نيرمين البيك، محمود أمين الخليلي وغيرهم . كما برز بعد ذلك من بين الشعراء: حسونة فتحي، د. صلاح فاروق العايدي، سالم شبانة، رانيا النشار، ايمان معاذ، محمد ناجي حبيشة، عوض عبدالستار، محمد علي سلامة. أشرف حسونة . وتبعهم في كتابة الشعر الآن – من الشعراء الشباب : كريم سامي سعد، د. ماجد الرقيبة، شادي سامي سعد ، أحمد سالم، أسعد الملكي، فاطمة موسي نبهان، حسام كمال ابراهيم، وغيرهم .

من كل هذا الزخم النوراني أمسك الشعراء – هناك – بعباءة الشعر الثمينة ،ورتقوا على فخامتها نقوشهم الصغيرة ، وتربعت قصيدة النثر – فيما أحسب الآن – صدارة المشهد السيناوي ، بعد أن كتبوا من قبل القصيدتين : العمودية والتفعيلة، كما كتبوا الشعر العامي . وكأنهم ،وهم المتمسكون بقوة للتراث والأصالة يقولون للعالم : نحن هنا في برية الخلود نصنع المعاصرة والتمدين، ولكن بنكهة الأصالة، متدثرين بالموروث واللغة العربية ومعاجم الحب في صحراء سيناء الشاسعة ليقدموا الجديد المتمدين ، والتراثي الممزوج بمعاصرة دافقة تندغم مع المنجز العالمي والعربي للشعرية الجديدة عبر بوابة قصيدة النثر التي تستشرف آفاق الحداثة والكونية والابستمولوجيا لتسبح ويسبح معها الشعراء في سيناء بمصرنا الخالدة في عباءة الشعر العالمي المعاصر ، وحيث الرؤى المغايرة والتحولات التي تنصهر يخرج الشعر في سيناء مقدساً وجميلاً ليدلل إلى سيموطيقا الحياة والكون والعالم .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى