تاريخ ومزارات

مدينة سلا العتيقة: تاريخ عريق بين القرصنة والتجارة والثقافة

أسماء صبحي 

تعد مدينة سلا العتيقة واحدة من أقدم وأهم المدن التاريخية في المغرب، حيث يعود تاريخها إلى أكثر من 1000 عام. وتقع المدينة على الضفة الشمالية لنهر أبي رقراق، مقابل العاصمة الرباط. كما كانت عبر التاريخ مركزًا حضاريًا مهمًا بفضل موقعها الاستراتيجي الذي جعلها نقطة تجارية وعسكرية رئيسية.

تاريخ مدينة سلا العتيقة

يعود تأسيس سلا إلى القرن الحادي عشر خلال فترة حكم المرابطين. لكنها ازدهرت بشكل خاص في عهد الموحدين والمرينيين، حيث أصبحت ميناءً تجاريًا مهمًا يربط المغرب بأوروبا وإفريقيا. كما كانت المدينة تشتهر بتجارة المنسوجات، البهارات، والأسلحة، مما جعلها مركزًا اقتصاديًا حيويًا.

وفي القرنين السادس عشر والسابع عشر، أصبحت سلا مركزًا معروفًا لـ القراصنة البربر، الذين أطلق عليهم “سلاطين البحر”. وكان هؤلاء القراصنة يشكلون تهديدًا كبيرًا للسفن الأوروبية، حيث كانوا يهاجمونها في البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، ويعودون بالغنائم والأسرى. كما ساهمت هذه الفترة في تعزيز قوة سلا الاقتصادية والعسكرية، لكنها جلبت أيضًا مواجهات مع القوى الأوروبية مثل إسبانيا، فرنسا، وإنجلترا.

وتتميز المدينة العتيقة لسلا بمعمارها التقليدي الذي يعكس تأثيرات الأندلسيين والعرب والأمازيغ. ومن أهم معالمها:

  • السور الموحدي: بناه الموحدون لحماية المدينة، ولا يزال قائمًا إلى اليوم بشكله الأصلي.
  • باب المريسة: أحد أشهر الأبواب التاريخية في المغرب. كما يعتقد أنه كان نقطة دخول للسفن خلال فترة ازدهار الميناء.
  • المدرسة المرينية: مدرسة تاريخية تعود لعهد المرينيين. كما كانت تستخدم لتدريس العلوم الدينية والفقه.
  • ضريح سيدي بنعاشر: من أشهر المعالم الدينية في المدينة، وهو رمز للتصوف المغربي.
  • قصبة سلا: حي تاريخي يحتضن منازل تقليدية وأسواقًا قديمة تعكس الحياة المغربية في العصور الوسطى.

سلا الحديثة والتطور العمراني

رغم كونها مدينة تاريخية، فإن سلا شهدت تطورًا عمرانيًا كبيرًا خلال العقود الأخيرة. حيث تم تطوير مشاريع حديثة مثل المارينا والميناء الترفيهي، مما جعلها وجهة سياحية متجددة تجمع بين الأصالة والمعاصرة.

ويقول المؤرخ المغربي د. محمد الرايس، المتخصص في تاريخ المدن المغربية، إن مدينة سلا العتيقة ليست مجرد مدينة عادية. بل هي شاهد على حقب متعددة من التاريخ المغربي، من التجارة إلى القرصنة، ومن العلم إلى السياسة. كما إن الحفاظ على تراثها ضرورة لفهم التطورات التي مرت بها البلاد.

وتظل مدينة سلا واحدة من أهم المدن التاريخية في المغرب. حيث تحتفظ بروح الماضي في أزقتها وأسوارها العتيقة. ورغم تغير الزمن، لا تزال سلا تحافظ على هويتها الثقافية والتاريخية، مما يجعلها وجهة فريدة لمحبي التراث المغربي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى