كتابنا

د. سحر عبد الفتاح وزيري تكتب: ضــريح الشـيخ عـمـران احد أهم المزارات الدينية في صعيد مصر

د. سحر عبد الفتاح وزيري تكتب: ضــريح الشـيخ عـمـران احد أهم المزارات الدينية في صعيد مصر

مصر أرض الصالحين، تنتشر أضرحة أولياء الله وآل البيت في كافة محافظات مصر، بعد أن وقع اختيارهم لهذه البقعة المباركة من الأرض لتكون أمناً وأماناً لهم، وقطنوا بها حتى مماتهم، حيث تم دفنهم في أماكن الخلوة الخاصة بهم تقديراً لما تميزوا به من حب لله وزهد في الدنيا وعمل للخير.
تضم محافظات الصعيد الكثير أضرحة أولياء الله الصالحين التي تجذب الآلاف من الأهالي طوال العام أبرزها “مسجد وضريح الإمام أبو الحجاج الأقصري” بمدينة الأقصر، الذي يقصده أبناء المدينة والسائحين الأجانب كونه واحد من أبرز المساجد والأضرحة التاريخية بالمدينة منذ عشرات السنين.
وفى أقصى جنوب مصر حيث مدينة أسوان التي تضم ضريحاً للإمام “حسن بن عبد الله بن إبراهيم” الرحالة الوافد من بلاد المغرب مجاهدًا في سبيل نشر الدعوة ويرجع تاريخ وفاته المدون على مسجده بمنطقة القصيرية وسط المدينة إلى عام 313هــ.
ويحظى ضريح الحج حسن، بحب المئات من أهالي محافظة أسوان وأيضاً المحافظات الأخرى المجاورة.
وفى محافظة أسيوط يتوافد المئات من الأهالي وأبناء الطرق الصوفية ومحبو آل البيت على مسجد وضريح العارف بالله سيدي “جلال الدين السيوطي” بمدينة أسيوط إذ يُعد واحداً من أهم المزارات الدينية في المحافظة، والذي يعود إلى الإمام جلال الدين السيوطي المولود سنة 849هـ وتوفى 911هـ، الذي حفظ القرآن كاملًا في سن الثامنة وأتقن علومه وتفسيره.
وتزخر محافظة قنا بالعديد من الأضرحة والمزارات الدينية العامرة بمريديها من كل حدب وصوب، ويأتي في مقدمتهم مسجد ومقام العارف بالله سيدي “عبد الرحيم القنائي” أحد أقطاب الصوفية والسيد عبد الرحيم بن أحمد بن حجون، المشهور بين الناس بـ “عبد الرحيم القنائي” ينتهي نسبه إلى الإمام الحسين بن على بن أبي طالب كرم الله وجهه، وكان يسكن في الجهة الغربية بالغرب، ولد سنة 521هــ بمدينة ترغاية القريبة من الأندلس، وقدم إلى صعيد مصر في عهد الخليفة العاضد بالله اخر خلفاء الدولة الفاطمية وتم تعيينه شيخاً لقنا واصبح من ذلك اليوم يسمى بالقنائي وتوفى عام 592هـ/1196م عن عمر يناهز71 عاما، ويحتفل أبناء الطرق الصوفية بمولده في منتصف شهر شعبان من كل عام ويعتبر من أكبر الموالد في مصر.
ويتوافد عدد كبير من أبناء محافظة قنا على زيارة مقام سيدي عبد الله القرشي بقنا احد الأولياء المقربين لـ آل بيت رسول الله والذي عاصر السيد عبد الرحيم القنائي وانعقدت اواصر الالفة بينهما وتحابا وتزاملا في الله.
وعلى بعد ما يقرب من 60 كيلو متر شمال مدينة قنا نجد أحد أشهر الأضرحة في صعيد مصر هي أضرحة الأمير ضرار وإخوته “خوله” و”الناظر” التي تقع بقرية “هــو” التابعة لمركز نجع حمادي وتقع بمنطقة مدافن جبل هو ويلجأ إليها البسطاء للتبرك بها والبوح بأمانيهم حيث تشير الروايات الى أن الأمير ضرار بن الأزور الأسدي، كان أحد أبطال صدر الإسلام واشتهر بجهاده في حروب الردة تحت قياده خالد بن الوليد.
وعلى شاطئ كورنيش النيل بمدينة نجع حمادي شمالي محافظة قنا نجد “ضريح الشيخ عمران” وهو الشيخ “عمران الأنصاري بن الأمير تميم بن تمام بن محمد بن عبدالله بن محمد بن احمد بن الخزرجى بن جابر بن تميم الدار بن حبيب الأنصاري” وهم من الأوس والخزرج الذين نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأولاد تميم نزحوا إلى صعيد مصر في القرن السادس والسابع الهجري وينتشر نسل الأنصار في أنحاء متفرقة من مدن وقرى الصعيد في سوهاج واسنا ودشنا وفرشوط وبلاد النوبة وينسبون إلى أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه.
ويُعد ضريح الشيخ عمران واحد من المباني الأثرية المكونة للمجموعة المعمارية للأمير يوسف كمال، ومسجل اثر بقرار ا.د/ رئيس مجلس الوزراء رقم (191) لسنة (2002م)، ويقع الضريح بالركن الغربي من مبنى الحرملك والى الغرب من مبنى السلاملك ويتوصل إلى هذا الضريح حالياً من شارع الشيخ عمران، ويتكون الضريح من ثلاثة مباني هي الضريح ومئذنة ومصلى.
الضريح: عبارة عن مساحة مربعة يعلوها قبة ضخمة ذات قطاع رأسي نصف مستدير وله أربعة واجهات خارجية مكشوفة مبنية من الطوب الأجر يتوجها كورنيش بنائي بارز يحمل فوقه صف من الشرافات المثلثة.
المئذنة: تقع إلى الجنوب من القبة الضريحية وتتخذ شكلاً مربعاً على الطراز الأندلسي وتتكون من طابقين الطابق الأول فتتخلله ست فتحات مستطيلة مصمتة يتوجها عقود نصف مستدير بهيئة حدوة الفرس ويتوجه صف من الشرافات المثلثة والطابق الثاني فتتخلله أربع فتحات مستطيلة يتوجها عقود نصف مستدير بهيئة حدوة الفرس.
المصلى: يقع إلى الجنوب من المئذنة والقبة الضريحية وهو عبارة عن مساحة مستطيلة الشكل يحيط بها أربعة واجهات خارجية مكشوفة يتكون كل منها من بائكة مكونة من عقدين بهيئة حدوة الفرس.
وقد احيط الضريح والمئذنة والمصلى بنفس السور الخارجي للقصر من أربعة جهات حيث يفتح بالضلع الجنوبي الغربي لهذا السور فتحة باب تؤدى إلى ممر مستطيل يفتح على شارع الشيخ عمران، كما كان يفتح بمبنى الضريح فتحة باب تطل على حديقة القصر غير انها سدت حالياً.
ويُشرف الضريح من الجهة الشمالية الغربية على ارض فضاء ملك القوات المسلحة ويطل الضريح من الجهة الشمالية الشرقية والجنوبية الشرقية على حديقة القصر والتي يشغلها حالياً نادي الزراعيين بنجع حمادي اما من الجهة الجنوبية الغربية فيحد الضريح شارع الشيخ عمران.
ويحتفل أبناء الطرق الصوفية بمولد الشيخ عمران في 13 من شهر رجب من كل عام ولعدة أيام، وذلك من خلال عدة مظاهر اهمها إقامة الذكر وقراءة القرآن وتقديم الموائد، وتوزيع الحلوى على الأطفال، وليالي المديح والإنشاد، وطلوع التوب وهو عبارة عن مسيرة بالجمال والخيول في شوارع المدينة.
ويرجع تاريخ بناء ضريح الشيخ عمران إلى ما قبل 1343-1344هـ/ 1925م حيث يظهر موقعاً على الخريطة المساحية لمدينة نجع حمادي عام 1925م وان الأمير يوسف كمال عندما شرع في بناء قصره قام بهدم البناء القديم للضريح الذي كان مشيداً بالطوب اللبن وقام بإنشاء المبنى المقام حاليا وأضاف له مئذنة ومصلى وذلك تكريما للشيخ عمران الأنصاري لما له من مكانة عند أهالي مدينة نجع حمادي.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى