عائلة القحطاني.. جذور تمتد في عمق الجزيرة العربية وقيم تعكس هوية المجتمع الخليجي الأصيل
أسماء صبحي – تعد عائلة القحطاني من أبرز العائلات العربية التي تمتد جذورها في عمق الجزيرة العربية وتحديدًا في جنوب المملكة العربية السعودية. حيث تنتشر فروعها اليوم في مختلف مناطق الخليج العربي مثل السعودية وقطر والإمارات والكويت والبحرين. وتجمع هذه العائلة بين عراقة النسب، وغنى التاريخ، وعمق العادات والتقاليد التي حافظت عليها عبر القرون لتصبح رمزًا للأصالة العربية في المنطقة.
أصول عائلة القحطاني
تعود أصول العائلة إلى قبيلة قحطان الشهيرة، وهي من أقدم القبائل العربية التي سكنت جنوب الجزيرة العربية منذ آلاف السنين. ويرتبط اسمها بتاريخ طويل من الشجاعة والكرم والقيادة إذ يعد القحطانيون من العرب العاربة الذين عاشوا في مناطق اليمن القديمة قبل أن تتفرع بطونهم وتنتقل إلى نجد وشمال الجزيرة.
وفي كتب الأنساب القديمة، ورد ذكر قبيلة قحطان كواحدة من القبائل التي كان لها دور كبير في تشكيل الهوية الثقافية والاجتماعية للجزيرة. خاصة في فترات التحول التاريخي التي شهدتها المنطقة من حياة البداوة إلى الاستقرار.
الانتشار في دول الخليج
مع مرور الزمن، ومع حركة الهجرات التي شهدتها القبائل العربية، استقر العديد من أفراد العائلة في مناطق مختلفة من الخليج العربي وخاصة في السعودية وقطر والإمارات. وقد برز أبناء العائلة في ميادين متعددة من الخدمة العسكرية إلى التعليم والإدارة والأعمال. مما جعل اسم “القحطاني” حاضرًا في مفاصل الحياة العامة في هذه الدول.
في المملكة العربية السعودية، يعرف القحطانيون بوجودهم القوي في مناطق عسير ونجران والرياض والشرقية. أما في قطر، فقد كان لهم دور في الحياة الاجتماعية والسياسية منذ تأسيس الدولة الحديثة. حيث شارك عدد من أبناء العائلة في مواقع قيادية ومناصب مؤثرة.
الكرم والشهامة
يجمع المؤرخون وعلماء النسب على أن الكرم يعد من أبرز الصفات المتجذرة في أبناء العائلة. فهم يتوارثون عادة استقبال الضيوف وإكرامهم، وتقديم القهوة العربية والأطعمة التقليدية في المجالس العامة والمناسبات.
تعتبر المجالس في بيوت القحطانيين مكانًا للتلاقي والحوار، إذ تعقد فيها النقاشات حول القضايا العامة، وتتداول فيها الحكم والأمثال الشعبية. ولا تزال هذه المجالس تقام بانتظام رغم مظاهر الحداثة التي غزت الحياة الخليجية مما يدل على تمسك العائلة بجذورها العربية الأصيلة.
العادات الاجتماعية والاحتفالات
تحرص عائلة القحطاني على إحياء المناسبات الوطنية والدينية وفق العادات المتوارثة. ففي الأعراس مثلاً، تقام حفلات كبيرة تتخللها عروض “العرضة السعودية” التي يشارك فيها كبار وشباب العائلة على حد سواء، في تعبير عن الفخر والاعتزاز بالأصول.
أما في شهر رمضان المبارك، فيتجلى الكرم القحطاني في موائد الإفطار الجماعية التي تقيمها العائلة في المدن والقرى. حيث يجتمع الأقارب والجيران في أجواء روحانية واجتماعية تجمع بين الأصالة والمحبة. كما تحرص النساء في العائلة على إعداد الأكلات الشعبية التقليدية مثل الجريش والهريس والسمن البلدي التي تعد جزءًا من هوية المطبخ القحطاني القديم.
الزي والهوية الثقافية
يتميز أبناء عائلة القحطاني بتمسكهم بالزيّ العربي التقليدي خصوصًا في المناسبات الرسمية والعائلية. فالثوب الأبيض والغترة والعقال عند الرجال، والعباءة السوداء المطرزة عند النساء، ليست مجرد مظهر خارجي، بل رمز للهوية والانتماء.
كما تعرف نساء العائلة باهتمامهن بالحرف التراثية مثل التطريز وصناعة البخور والعطور العربية. وهي مهن تقليدية ما زالت تمارس في بعض المناطق الجنوبية حيث الجذور الأولى للعائلة.
القبيلة والتعليم الحديث
رغم تمسك عائلة القحطاني بالعادات القديمة، فإنها تعد من الأسر التي واكبت التعليم الحديث في الخليج منذ بداياته. فالكثير من أبنائها حصلوا على شهادات جامعية عليا في مجالات الهندسة والطب والقانون والإدارة، بل وبرز بعضهم في مجالات السياسة والاقتصاد والإعلام.
وفي حديث لأحد أبناء العائلة الدكتور عبدالرحمن القحطاني، أستاذ التاريخ بجامعة الملك سعود، قال: “نحن نؤمن بأن الأصالة لا تتناقض مع التطور. فالقيم التي تربينا عليها هي التي تمنحنا القوة للنجاح في أي مجال وتدفعنا لخدمة وطننا ومجتمعنا”.



