اللغز التاريخي للشمعدان السباعي بين الأسطورة والبحث المعاصر

شهدت منصات التواصل الاجتماعي خلال الفترة الأخيرة انتشار واسع لمنشورات تتناول موضوع الشمعدان السباعي المقدس، حيث ناقش البعض محاولات معاصرة لصناعة نسخ جديدة منه، بينما ركز آخرون على رحلة البحث عن النسخة التاريخية المفقودة التي طالما ارتبطت بالعديد من الروايات الدينية والتاريخية.
اللغز التاريخي للشمعدان السباعي
الشمعدان السباعي يعد واحدا من أبرز الرموز الدينية في المعتقدات اليهودية، ويرتبط بشكل مباشر بأيام الخليقة السبعة بحسب ما ورد في التوراة، ويعتبر جزءا أساسيا من قدسية ما يطلق عليه قدس الأقداس في الهيكل المزعوم، كما اتخذته إسرائيل شعارا رسميا لها يظهر على العملات المعدنية والأوراق الرسمية، بل وحتى على واجهات المباني ومحطات النقل العامة.
تشير بعض المصادر التاريخية إلى أن شمعدانا مصنوعا من الذهب تمكن من النجاة من تدمير الهيكل الأول عام 587 قبل الميلاد على يد بختنصر، لكنه اختفى بعد ذلك بفترة، وتذكر روايات أخرى أن الإمبراطور الروماني طيطس نقل الشمعدان بعد تدمير الهيكل الثاني عام 70 ميلادية إلى روما، حيث يقال إن وزنه بلغ نحو 60 كيلوغراما من الذهب الخالص، ومنذ ذلك الوقت أصبح موضع بحث دائم ضمن محاولات لإحياء نبوءات دينية.
مع مرور القرون ظل الشمعدان محاطا بالغموض، ففي ستينيات القرن الماضي جرت محاولات إسرائيلية للتنقيب في مخازن الفاتيكان استنادا إلى معلومات تزعم وجوده هناك، غير أن تلك الجهود لم تسفر عن أي نتيجة ملموسة، وفي عام 1997 طرح وزير الأديان الإسرائيلي شيمون شيريت ملف الشمعدان في لقائه مع البابا يوحنا بولس الثاني، إلا أن الحوار لم يحقق أي اختراق في هذا الملف الغامض.
في الوقت الحاضر تواصل جماعات مثل منظمة بناة الهيكل بقيادة باروخ بن يوسف جهودها لإعادة تصنيع شمعدانات جديدة، حيث تم بالفعل تصنيع واحد ضخم في الولايات المتحدة من الذهب الخالص ثم جرى نقله إلى إسرائيل، كما ظهرت مبادرات لصناعة خيمة الاجتماع المصنوعة من خيوط الذهب في محاولة لاستحضار رموز مرتبطة بلقاء موسى بالملائكة وفقا للروايات اليهودية.
يظل الشمعدان السباعي لغزا حقيقيا تتقاطع فيه خيوط التاريخ مع الأساطير، بين من يعتبره أثرا دينيا ضائعا يجب استعادته، وبين من يراه مجرد رمز تحيط به القصص التي اختلط فيها الواقع بالموروث الديني، ومع استمرار البحث عنه أو صناعة بدائل له، يبقى هذا الرمز أحد أكثر الموضوعات إثارة للجدل في التاريخ الديني والسياسي على حد سواء.



