عرب الصقر: تاريخ عريق ومسيرة من الزعامة والإنجازات
تنحدر عشائر عرب الصقر بلا شك من القبائل العربية القحطانية، تحديداً من سلالة طيء العريقة، وهم أول من استقر في بلاد الشام مع انطلاق الفتوحات الإسلامية. ورث عرب الصقر مناطق جنوب سوريا، أي فلسطين والأردن، من ألمفرج بن دغفل الطائي في أواخر القرن الرابع الهجري. تعود أصولهم إلى إياس بن قبيصة الطائي، ملك طيء في العراق، قبل البعثة المحمدية بتسع سنوات، واستمر تأثيرهم البارز في المنطقة بقيادة شيخ عرب المفارجة، حسان بن المفرج الطائي، الذي تمكن من السيطرة على معظم بلاد الشام وانتزعها من الفاطميين في عام 1025م، الموافق 415هـ.
تاريخ عرب الصقر
استمرت زعامة المفارجة في سوريا الجنوبية حتى مطلع القرن العاشر الهجري، وتحديداً عام 918هـ، حيث كان الأمير مسلم وأمير بني لام المفارجة في دمشق يقودون الحماية والطرق، واستمرت الزعامة حتى تولى نعيم بن سلامة في 965هـ. ومع حلول القرن الحادي عشر الهجري، برزت شخصيات مثل الشيخ عمرو بن جبر الصقري، الذي توفي في جنين في عام 1030هـ، ودفن فيها عند ضيافة أحمد بن طرباي الطائي.
بعد وفاة عمرو، تولى الزعامة ابنه الشيخ حسين بن عمرو بن جبر الصقري، الذي استمرت عشيرته في القيادة حتى اختفى اسم المفارجة في منتصف القرن السابع عشر، ليحل محله اسم “عرب الصقر” و”بنو لام”. عشائر الصقر اليوم تمثل مزيجاً من عدة فروع طائية، أبرزها ثعل، زبيد، شمر، وجرم، وتتشكل من أسر متصاهرة تجمعها روابط الدم والأعراف العشائرية. وتعد هذه العشائر امتداداً لعرب المفارجة، الذين انتشروا في فلسطين والأردن وسوريا، مثل أسرة الطوقان والحياري في البلقاء والربيع في ديرعلا.
كما برز دور عرب الصقر في حوران حيث أسسوا مشيختهم في منطقة المزيريب، وسيطروا على نهر اليرموك، وتعرضوا لضغوط من الدولة العثمانية، التي حاولت عزلهم وإحلال عرب السردية مكانهم. وقد تحالفوا مع فخر الدين المعني وحققوا نجاحاً مؤقتاً في السيطرة على جنوب سوريا ولبنان وأجزاء من فلسطين، لكنهم اضطروا للفرار بعد هجوم عثماني ضخم في عام 1022هـ.
في الجليل، تمكن عرب الصقر من بسط نفوذهم على مرج بن عامر وجبل نابلس في القرن السابع عشر، بعد حروب شرسة مع عشائر جبل نابلس بقيادة آل ماضي وآل جرار. تعاون الصقر مع ظاهر العمر الزيداني، الذي دعمهم في سيطرتهم على مناطقهم، لكن تحالفهم انهار لاحقاً بعد خلافات على المصالح. ونتيجة للصراع مع العثمانيين وخسائر متتالية، عادت عشائر الصقر للانتشار في مناطق أخرى، إلا أنها واصلت القتال والمقاومة حتى معارك عام 1936 ضد القوات البريطانية في فلسطين.
في أعقاب نكبة 1948 وهزيمة الجيوش العربية، هاجر عرب الصقر إلى الضفة الغربية وشرق الأردن، حيث استقروا في محافظة إربد. اليوم، تعيش عشائر الصقر في مناطق مختلفة مثل الكريمة والمشارع وإربد، بينما يتواجد العديد منهم في عمان والزرقاء، كما أن عدداً كبيراً منهم يعيشون في الشتات خارج الأردن.