خميس القطيطي يكتب:الكيان المهزوم ووهم النصر المطلق
يبدو أنَّ اليمين الصهيوني المتطرف الذي وقع في ورطة العدوان والإبادة الجماعية في قِطاع غزَّة متوهمٌ بتحقيق النصر، حسب تصريحات أقطاب حربه المُجرِمين منذ الوهلة الأولى للعدوان، وما زال هذا الكيان يحاول الهروب للأمام من الهزيمة والفشل الكبير الذي كشَف عورة جيشه المهزوم، وما زال المُجرِم نتنياهو يتشدَّق بقصَّة النَّصر المُطْلق وتنفيذ اجتياح رفح لإكمال المهِمَّة، وتحقيق النَّصر المُطْلق، وهو في الحقيقة يغوص في رمال غزَّة التي صمدت بقدرة الله القاهرة التي أيدت تلك الفئة القليلة من الأبطال المؤمنين الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وما زالوا يصنعون المعجزات بقوَّة الإيمان الصادقة التي تجسَّدت في أرواحهم مزلزلين عروش الطغاة من واشنطن إلى تل أبيب، حيث عجزت مختلف أجهزة العدوان العسكرية والأمنية عن كسرِ هذه القوَّة الإيمانية المُطْلَقة التي أثبتت بعد سبعة أشْهُر من العدوان أنَّ مَن يتَّقِ الله فهو حسْبُه ولم ولن يضرَّهم من خَذَلَهم .
(النتن ياهو) وأقطاب حكومته المتغطرسون يحاولون التغطية على الفشل والفضيحة عندما يتحدَّثون عن النَّصر المُطْلَق بعد اجتياح رفح بَريًّا، ويكرِّرون نَفْس القصَّة التي حاولوا بها تبرير العدوان على مستشفى الشفاء وخان يونس وشمال القِطاع من قَبل، لكنَّهم وجدوا بعد إتمام جرائم العدوان أنَّ الكمائن والصواريخ تنطلق من تلك المناطق المدمَّرة في الشمال والوسط، وهؤلاء المُجرِمون مع مُضيِّ الوقت يغرقون في وحْلِ الهزيمة، حيث لم يتحقق لهم أيٌّ من أهداف الحرب حسبما يزعمون، فلم يتمكن العدوان من كسرِ قدرة المقاومة أو استهداف أيٍّ من قياداته، ولم يتحقَّقْ لَهُم السيطرة المُطْلقة على القِطاع، ولم يستطع العدوان إعادة أسير واحد، بل كُلُّ ما جنَوه مزيدٌ من العار والفشل سيلاحقهم حتى موعد الزوال المحتوم لِكيانِهم اللقيط الذي بدَتْ عوارضه تُرى رأي العين، وتجسَّدت بشكلٍ أوضح في العدوان الحالي، وبالتَّالي فإنَّ الكيان المهزوم لو قرَّر اجتياح رفح ذات الكثافة السكَّانية المقدَّرة بمليون ونصف المليون نازح لِمُحاصرةِ كتائب حماس الأربع ـ حسبما يزعم ـ فإنَّ ذلك لن يُحقِّقَ للكيانِ إلَّا مزيدًا من الغرق والهزيمة والفشل طالما أنَّ أهداف العدوِّ لم تتحقَّقْ قَبل ذلك في الشمال أو الوسط. لذا لن يكُونَ الجنوب إلَّا مزيدًا من الهزيمة والغرق في وحْلِ رمال غزَّة الصَّامدة الأبية؛ باعتبار أنَّ العدوان يحدُث فوق الأرض، وأنَّ المقاومة تحت الأرض منصورة بعون الله.
نعم، هناك مخاطر جمَّة على السكَّان والمَدَنيين في رفح، فرغم موافقة حماس والفصائل على المقترح الأخير الذي تدرَّج على ثلاث مراحل متلخصًا في وقف العدوان، وتسريع عمليات الإغاثة الإنسانية، وعودة النازحين وتبادل الأسرى والإعمار، إلَّا أنَّ الموافقة التي أبدتها المقاومة الفلسطينية وضعت حكومة اليمين الصهيوني المتطرف على المحكِّ، وفي الزاوية الصعبة.. فكُلُّ النهايات تنتهي بالهزيمة، وهؤلاء المُجرِمون يصرُّون على إنهاء الجريمة في مدينة رفح يتوهَّمون البحث عن النَّصر المُطْلَق في محاولةٍ لتغييرِ المفاهيم على العكس تمامًا، فهُمْ يعيشون الهزيمة والفشل المُطْلَق .
تبدو النيَّات الصهيونية ـ مع سبق الإصرار عليها ـ تتَّجه نحو تنفيذ جريمتها باجتياح مدينة رفح، وهذه ـ إن حدثت لا سمح الله ـ فإنَّها سوف تؤدي إلى كارثة مروِّعة على السكَّان المَدَنيين. وهنا أقترح تشكيل لجنة عربية عاجلة من وزراء الخارجية لعدَّة دوَل عربية منها الجزائر وسوريا والكويت والعراق وتونس وسلطنة عُمان لبناءِ تكتُّلٍ دولي لإيقاف العدوان، ويستوجب على اللجنة القيام بشكلٍ عاجل بزيارة موسكو وبكين والدوَل الدَّاعمة للقضيَّة الفلسطينية والأمين العامِّ للأُمم المُتَّحدة لِمُمارسةِ المزيد من الضغط لإنهاء العدوان الصهيوني نظرًا لِخُطورةِ هذه المرحلة إن نفَّذ العدوُّ نيَّاته المبيَّتة.
رغم الإيمان العميق بالمقاومة الباسلة التي طبَّقت أوامر الله واتَّبعت تعليماته وصدَّقت كلماته، وهذا هو السِّر في النَّصر المؤزَّر وقد ألحقت الهزيمة بالعدوِّ، إلَّا أنَّ حماية المَدَنيين في مدينة رفح التي تكتظُّ بالسكَّان هي مسؤولية دولية؛ باعتبار أنَّ أيَّ عملية في رفح سوف تُشكِّل مجزرة مروِّعة يجِبُ على العالم الحُر المسارعة العاجلة لِوقْفِها، ونسأل الله تحقيق النَّصر المؤزَّر لِعبادِه المؤمنين الصَّادقين، ولينصرنَّ الله مَن ينصره، إنَّ الله قويٌّ عزيز.