لماذا لقب الشيخ محمد اللقانى بابن السايح ؟
لماذا لقب الشيخ محمد اللقانى بابن السايح ؟
اطلق على محمد اللقاني بن محمد بن السايح بن عبد الرحمن بن عبد القادر بن مسعود بن شحشح لقب ابن السايح , واسم والدته مباركه بنت الحيري.
ويرجع نسب الشيخ اللقاني إلى عرش أولاد عبد القادر المعروف بالطيبات, والذي اشتهر قديما وحديثا بالوطنية الخالصة والجهاد في سبيل الله ومحبة أهل العلم والشرف والكرم والجود وينحدر هذا النسب من الساقية الحمراء ووادي الذهب ” الصحراء الغربيه حاضرا “, ولد الشيخ اللقاني سنة 1886م
وقد نشأ الشيخ اللقاني في كنف أسرة عريقة النسب متوسطة الحل , وكان مصدر عيشها بين فلاحة النخيل وتربية الغنام وهذه الأخيرة كانت قائمه على الحل والترحال و قد عرفت هذه الأسرة بعنايتها بالتربية الدينية القويمه لأبنائها اعتماد علىتعليم نشئها كتاب الله والعلوم الدينية, وقد برز في هذه الأسرة الكثير منهم نذكر على سبيل المثال لا الحصر: والد الشيخ اللقاني ” محمد بن السايح “, والذي عرف بتفوقه في حفظ القرآن وعلوم الدين وكما كان من المقدمين في زاوية تماسين, والتي درس فيها ردحا من الزمن ودفن فيها رحمه الله.
كما كان أخوه “سيدي محمد الطالب” من حفظة القرآن الكريم و المجتهدين فيه حفظا ودرسا , كما عمل مقدما بزاوية تماسين على غرار والده.
وكذلك أبناء أخته الطالب أحمد رحماني الذي تألق في حفظ القرآن الكريم وذاع صيته في تعليم اللغة وأصول الفقه وخاصة في علم التوحيد وإخوته الطالب العيد والطالب الطاهر …إلخ.
وأبناء أخيه الطالب التجاني والطالب عبد الرحمان و لذين لا يزالان على قيد الحياة واللذين سلكا نفس المسلك.
أما عن أسرته الصغرى القاطنة بتونس فنذكر منهم ابنه سعد الدين المتحصل على الشهادة العالمية من جامع الزيتونه والمدرس بها في عهد أبيه و الإمام حاليا بمسجد الرحمه بقرطاج والمدرس بمعاهد تخرج الأئمه بتونس بالإضافة إلى ابنتي الشيخ اللقاني واللتين كانتا تعملان أستاذتين في علم الشريعة وله سة أبناء آخرون لهم باع في علوم مختلفة.
بدأ الشيخ تعلمه في الثامنة من عمره لدى مشايخ بلدة الطيبات ثم أتم حفظ القرآن على يد والده _ رحمه الله _ وبعد وفاة والده أتم دراسته على يد الشيخ” التجاني ولد محمد السايح نصيري” لدى مجيئه إلى مدينة الطيبات عام 1912-1331ه , حيث عرف شيخنا بكثرة اجتهاده وتفوقه على أقرانه ممادفعه لاستئذان مدرسه في الذهاب إلى تونس لاستكمال دراسته.
فنزل بنقطة عام 1913 م , وأخذ نصيبا وفيرا من العلوم القرآنية وفي عام 1915م-1334ه التحق بجامع الزيتونه وانخرط في سلك تلامذته وقد تتلمذ على يد مشائخ الزيتونه ومن أبرزهم الشيخ سيدي محمد الصادق النيفر القاضي المالكي و الأستاذ أبي الحسن النجار المفتي المالكي , وبعد أربعة أعوام من دراسته نال الشهادة العالمية بفضل جده واجتهاده في دراسته فكان ذلك النجاح بمثابة المجفز لشحذ همته في المواصلة في طريق العلم إلا أن حنينه للموطن ظل يطارد طموحاته لم يحل دون رجوعه للزيتونه فالتحق بسلك أساتذة التعليم العالي بها وظل رحمه الله يرتقي بها درجة درجة متقوقا ومزاحما لكثير من علمائها من أمثال الشيخ الفاضل بن عاشور وأبناء الطاهر بن عاشور وغيرهم إلى أن وصل بما وهبه الله من عون إلى رتبة أستاذ أول بكل فخر.
تدريسه بصفته معلما للقران الكريم و العلوم الشرعية ثمة بالزاويه التجانية بالتماسين قمار لمدة سبعة أعوام وكان له خلال ذلك برنامجا دينيا يدعى ” حديث الصباح ” ومن أهم أعماله ومواقفه الخالدة هو مناظرته ودعوته للكثير من القساوسه و النصارى في الدخول لدين الله و الذي والذي هدى الله منهم البعض على يده.
– كما كان الشيخ اللقاني مقصد الحائرين وملجأ للطلبه الأحرار الجزائريين الوافدين إلى جامع الزيتونه كما يعتبر الشيخ اللقاني علم من أعلام الطريقة التيجانيه لعلاقته الوطيدة لشيوخها وزوايا الجزائر وتونس , فقد أحرز الورد التيجاني على يد محمد العيد الخليفة ثم أخذ إجازه التقديم والخلافة فيه من الشيخ الخليفة سيدي أحمد التيجاني التماسيني.
لقد تتلمذ على يد الشيخ اللقاني عدد كبير من أبناء الوطن العربي و الإسلامي , ومن أبرزهم طلبه إتحاد الطلاب الأحرار الجزائرين بتونس ومن أبرزهم وزيرالتعليم الأهلي و الشؤون الدينية السابق : مولود بالقاسم نايت بالقاسم و الشيخ كتو , والشاعر محمد الأخضر عبد القادر السائحي , وأحمد حماني مفتي الجمهورية الجزائرية والشيخ الطاهر التليلي القماري , وابنه الاستاذ الزيتوني وسعد الدين و الشيخ أحمد رحماني , والطالب عبد الرحمان رحماني و الأستاذ علي كافي وأخوه محمد , والكثير من أبناء الطريقة التجانية كالشيخ سيدي محمد التجاني التغزوتي و الشيخ سيد الصادق التماسيني و كان للشيخ التجاني فضلا كبيرا في إرساء قواعد الفقه والبلاغة واللغة والأدب بزاوية ” باب منارة ” في تونس.
كما درس على يد الشيخ سيدي احميده ينبعي والشيخ محمد التجاني كما أخذ عنه بزاوية قمار و تماسين الكثير من محبي الطريقة التيجانيه و سيدي أحمد الخليفة التجاني التماسيني , والذي كان يكن له محبه كبيره ومودة جليلة , وعلى كل فإن شيخنا الفاضل “اللقاني ” كان من ثمرته هذا الكم الهائل من المتتلمذين الذين تربعوا على عرش الجزائر الثقافي والديني ردحا من الزمن , فصاروا مشائخ و صالحين , وهذا ما يجعل شيخنا جديرا بالتكريم والعرفان و الاحترام الذي لا يمكن إنكاره على العام والخاص.
لقد أحرز الشيخ اللقاني طيلة مسيرته العلمية على باع ضخم من العلم والثقافة الواسعة في شتى العلوم كعلم الأصول والتفسير والحديث ومصطلحة والقراءات و البيان واللغة والتاريخ و المنطق وعلم العروض.
وكان رحمه الله ثمرة لنخبة من العلماء والشيوخ الأفاضل كالشيخ سيدي محمد بن السايح بالطيبات , ثم على يد الشيخ الفاضل نصيري التجاني ثم درس بنفطه على شيخ والده العلامة سيدي محمد الكبير و الشيخ سيدي محمد التابعي والشيخ سيدي إبراهيم صمادح , , وللشيخ سيدي محمد بن إبراهيم وقد أجازه أغلب علماء نفطه في تعليم المبادئ كما درس على مشايخ الزيتونه فدرس على يد العلامة سيدي محمد النخلي والنابغة الشيخ سيدي أبي لحسن النجار المفتي المالكي و سيدي محمد الصادق النيقر القاضي المالكي و الشيخ سيدي عثمان بن خوجه الطاهر بن عاشور و الملقب بشيخ الإسلام والمذهب المالكي آن ذاك , والذي كان يكن له الشيخ اللقاني احتراما وتبجيلا لانظير لهما وغيرهم من المشايخ من أهل العلم والصلاح والفضل والاجتهاد مما انعكس جليا على بلورة شخصية الشيخ اللقاني.
عاش الشيخ اللقاني فترة طويلة بالجزائر يوم كان الوضع الجزائري تحت وطأة الاستعمار الفرنسي والذي بسببه سرت في الشعب أمراض عدة كالجهل والفقر وعدم الشعور بالمسؤولية وقلة الوعي مما جعل الشيخ اللقاني يحارب تلك الآفات و ويوقض همم الشباب إذ كان رحمه الله أحد مؤسسي النهضة الفكرية الجزائرية وغارسي بذورها ومن خاصة قادتها و المبرزين من زعمائها وذلك من خلال أشعاره وبديع نشره ونصحه لشعوب بلده لصحوة ومجابهة الصعاب والأخذ بالتعليم في الوطن أو خارجه وذلك مما جعل الاستعمار الحقود يضيق عله الخناق فكان أحد أسباب عودته إلى تونس.
على قدر جلال الشيخ اللقاني وغزارة علمه وملكته في النثر و الشعر غلا أن المصادر الموجودة عندنا لم تكد تذكر شيئا عن مساهمته في التأليف مما يدل على كثير من العلماء في عصره كانوا يبذلون ويوزعون جهودهم العلمية في التدريس ونشر المعرفة شفاهيا , وله _ رحمه الله _ فتاوى كثيرة وبعض المقالات والأشعار المنثورة في الصحف الجزائرية والتونسية حسبنا أن نعرض منها هنا نموذج:
قال _ رحمه الله _ في مقاله بعنوان ( من معاني العبادة في الإسلام ) , {… فالصلاة مثال التي تتكرر في اليوم خمس مرات على الأقل ليست إلا مراكز في طريق السير إلى الله يقف المصلي فيها لحضات ليتزود من طاقة الإيمان و العزيمة ويتفقد فيها مركبة السير فيجدد ما وهن من دواليبها ويشد ما تراخى من جهازها حتى إذا استأنف السير من جديد كان أقوى ما يكون وأمتن ما يمكن وهذا إلى أن تقف به على شاطئ السلام.}.
:ومن الاشعار التى كتبهاالشيخ اللقانى
بني الجزائر هذا الموت يكفينا، لقد أغلت بحبل الجهل أيدينا
بني الجزائر هذا الفقر أفقدنا كل اللذائذ حينا يقتفي حينا
بني الجزائر هذا اللهو أوقعنا في سوء مهلكة عمت نوادينا
بني الجزائر قولي مالكم غربا عن نيل نكرمة ترضي المحبينا
بني الجزائر قومي استيقظوا فلكم أذاقنا اللهو والإهمال تهوينا
بني الجزائر ما هذا التقاطع من دون البرايا. عيوب جمعت فينا
فقر !! وجهل !! وآلام !! ومسبغة
يا رب رحماك هذا القدر يكفينا
فالجهل قاتلنا والفقر مهلكنا والبأس خاذلنا واليأس مردينا
مدوا يديكم فها كفي لنتحد إن التفرق يا للعار يؤذينا
هيا نؤم زلال العلم نشربه فالجهل يقتلنا والعلم يحيينا
وظل الشيخ اللقاني يواصل مسيرته العلمية والدعوية كأي داعية و مرشد إلى أن وافته المنية ببيته الواقع بحي ” فرانس فيل ” بالعاصمة التونسية وذلك يوم السبت 15 ذو الحجة 1389ه الموافق لـ 21 فيفري 1970م و دفن بمقبرة” سيدي يحيى” المشهورة بتونس العاصمة حضر جنازته حشد غفير من العلماء والمشايخ والطلبة والسلطات , كما أقيم له حفل تأبيني بزاوية تيماسين في أسبوع وفاته و التي كان من أكبر مقدميها وأعظم دعاتها , إلى أن مات _ رحمه الله