يوسف بك وهبي وأولى محاولات السينما لتجسيد شخصية الرسول
أسماء صبحي
أغرت شخصية النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) السينمائيين العالميين منذ بدايات القرن العشرين. حين كانت السينما في أولى خطواتها لمعالجة بعض المواضيع والشخصيات التاريخية التي شغلت بال المخرجين.
اولى محاولات تجسيد شخصية النبي في السينما
وجاءت أولى المحاولات لتجسيد شخصية النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) عام 1926. عندما قررت إحدى شركات السينما الألمانية تصوير فيلم تحت اسم “محمد رسول الله”. وشاركت في نفقات إنتاجه حكومة تركيا بتوجيه من الرئيس أتاتورك .
أعد السيناريو وصرحت بتصويره لجنة مكونة من كبار علماء الإسلام في اسطنبول. ونص السيناريو على ظهور شخصية النبي محمد، من خلال مناظر يتم تصويرها في الصحراء السعودية. وأعلن عن مباراة عالمية ستقام بين الممثلين العالميين الكبار، آنذاك، لاختيار من يقوم بدور الرسول. وتقدم الكثير من الفنانين العالميين للقيام بهذا الدور.
والمفاجأة أن وقع الاختيار على الممثل المصري يوسف وهبي، وتم إخطاره بهذا الترشيح الذي قابله وهبي بالترحيب. ولكن فور إعلان الخبر ثار رجال الأزهر وثار معهم الرأي العام المصري والإسلامي، كما ذكر ذلك يوسف وهبي في مذكراته.
كما نشرت صحيفة الاهرام مقالًا رفضت الفكرة التي يطرحها وهبي وطالبت الجريدة علماء الازهر بالبت في هذا الأمر. ولكن ما إن ظهر المقال حتى واجه يوسف وهبي هجوماً شرساً عليه من قبل الكثيرين. وقال البعض: “ما هي مؤهلات وهبي ليجسد شخصية الرسول و كيف له ان يجسده ؟!!!’.
حاول يوسف بك إقناع العلماء بأنه يريد تجسيد شخصية الرسول لإظهار الصورة الحقيقية للإسلام للغرب. وأنه إن لم يقم بهذا الأمر سيقوم ممثل أجنبي به دون فائدة.
تحذير شديد اللهجة
وظهرت بعد أيام فتوى من شيخ الأزهر تنص على أن “الدين يحرم تحريماَ باتاً تصوير الرسل والأنبياء والصحابة رضي الله عنهم”. كما أرسل الأزهر إثر ذلك تحذيراً شديد اللهجة إلى الملك فؤاد يحثه على اجتثاث فكرة مشاركة ممثل مصري في فيلم تظهر فيه شخصية الرسول من جذورها. وأنه يجب على الملك أن يصدر قراراً بنفي الممثل يوسف وهبي من البلاد وحرمانه من الجنسية المصرية واعتباره مرتدًا تجوز حرابته.
كما طالب الازهر أيضًا بأن تخاطب حكومة باريس بواسطة ممثل مصر هناك في منع تمثيل هذه الرواية. واستدعت الداخلية يوسف وهبي وحققت معه وأرسلت ردًا للمشيخة حمل رقم 1010.
وجاء في رد الداخلية: “إن يوسف وهبي سيعلن عن عدوله هذا في الجرائد وأن الحكومة ستتخذ الإجراءات اللازمة لمنع إخراج الرواية نفسها. كما أرسل الملك فؤاد تحذيرًا قاسيًا ليوسف وهبي وهدده بالنفي، وحرمانه من الجنسية المصرية. مما دفع وهبي للتراجع عن الأمر والاعتذار عنه وتنازل عن قبول أداء الدور.
وعلى الرغم من تلك الضجة التي حدثت لم تمنع الشركة من تنفيذ إنتاج الفيلم، وقام بإخراجه المخرج التركي وداد عرفي. وقام بالدور ممثل يهودي، لم يذكر اسمه يوسف وهبي في مذكراته، ولأسباب غامضة تم التعتيم على الفيلم ولم يسوق عالمياَ كما خطط له.