سيناء – محمود الشوربجي
فوجئ العمال بمشروع تطوير أحد المشروعات الواقعة بساحل العريش في شمال سيناء على قطع صغيرة من صخور زجاجية خضراء شفافة جميلة اللون واعتقدوا فى البداية أنهم اكتشفوا كنز تحت الماء وأن الأمر لا يتعدى بعض القطع الصغيرة المتناثرة لذلك لم يعلم أحد أى شئ عن الأمر ولكن مع زيادة الأعماق اكتشفوا كبر حجم وصلابة هذه الصخور وظهرت كتل كبيرة. مما يؤكد أن المتواجد عروق كبيرة من الكوارتز وليس مجرد قطع صغيرة.
وقال الدكتور صلاح صقر مدير مركز بحوث الأسماك والأستاذ بجامعة العريش، أن العينات والصخور المكتشفة يبدوا أنها من الكوارتز الأخضر النقي بدرجة كبيرة وهي ذات معدل صلابة عالِ جدًا ولم نشاهدها من قبل بشمال سيناء.
وأكد “صقر” أن الكوارتز لمن لا يعلم تركيبه الكيميائي (SiO2) وهو عديم اللون ويتميز ببلورات جذابة بصريًا وله ألوان مختلفة رغم أنه بالأصل شفاف ولكن اللون يرجع لما به من شوائب ومنه الأبيض والأسود والأرجواني والوردي والأصفر والأخضر. موضحًا أن للكوارتز بريق زجاجي وقساوته تصل إلى 7 على مقياس موهس للمعادن مما يعني أنه يخدش الزجاج وجميع أنواع الحديد وهو من أقسى المعادن التي تتكون بشكل طبيعي ولا يمكن تآكلها بسهولة.
كما أوضح “صقر” أن صخور الكوارتز لها أهمية كبيرة جدا فهى تدخل فى صناعة المجوهرات والأحجار الكريمة والزجاج وتستخدم بلوراته فى صناعة عدسات الليزر والميكروسكوبات والتلسكوبات وأجهزة الاستشعار والإرسال والاستقبال وأجهزة الGPS ، ولأن بلوراته لها القدرة على الاهتزاز بترددات دقيقة فهذا يجعلها تدخل بصناعة الساعات الفائقة الدقة ، وتدخل أيضا بصناعة الطوب الحراري وأسطح المطابخ والسيراميك والبلاط المقاوم للأحماض ودرجات الحرارة المرتفعة.
وأشار “صقر” إلى أن شكل الصخور المكتشفة وتلونها باللون الأخضر يزيد من احتمالية أن تكون هذه الصخور مصدرا لعناصر أخرى يمكن أن تكون هامة. لأن عروق الكوارتز غالبًا ما تكون دليلا على وجود عناصر أخرى بأماكن تواجدها مثل الذهب على سبيل المثال أو غيره من العناصر ذات الأهمية الاقتصادية العالية وهو ما يؤكد أن الأمر يتحاج لمزيد من الدراسات.
كما لفت “صقر” إلى أن هناك عدة احتمالات لوجود هذه الصخور بميناء العريش: الإحتمال الأول أن يكون مصدر هذه الصخور قادم من وسط سيناء ووصلت لساحل البحر المتوسط منذ آلاف السنين نتيجة السيول الجارفة التى كانت تتشكل نتيجة زيادة معدلات سقوط المطر بهذه المناطق وتتجه من وسط سيناء لوادى العريش ومنه لحوض الميناء الموجود بجوار مجرى الوادى على ساحل البحر المتوسط. والإحتمال الثاني أن يكون مصدر هذه الصخور هو جنوب أوروبا نتيجة بعض البراكين القديمة التى انفجرت هناك وانتقلت بعض القطع من هذه الصخور نتيجة التيارات البحرية والمد والجذر حتى وصلت لشواطئ شمال سيناء، والإحتمال الثالث هو كبر حجم هذه الصخور يضعنا أمام إحتمال ثالث غريب لكنه سيعتبر اكتشاف علمي غير مسبوق بشكل يمكن أن يغير الخريطة الجيولوجية لشمال سيناء بل وللمنطقة كلها وهى أن هناك بركان قديم تم بهذه المنطقة منذ آلاف السنين ونتجت عنه هذه الصخور ثم خمد البركان وأصبح غير نشط. والإحتمال الرابع يمكن أن يكون الموقع الخاص بتواجد هذه الصخور عبارة عن منجم قديم منذ آلاف السنين وتم إهماله أو إطماءه بفعل البحر خاصة وأن الجميع يعلم أن سيناء انتشر بها عدد كبير من المناجم والمحاجر الخاصة باستخراج أنواع مختلفة من الصخور المختلفة فى عهد القدماء المصريين.
وتساءل “صقر” عن السبب الذي أدى إلى عدم طرح الإكتشاف على الباحثين مستدلا على أن هناك عوامل كثيرة قد تؤدي إلى ذلك ربما بقصد أو غير قصد. وقال أن أماكن تواجد هذه الصخور معروف ومحدد لكن عملية الحفر والتتقيب عنها (مرة أخرى) يجب أن يتم تحت إشراف متخصصين.
وفي ختام حديثه تساءل “صقر”: هل فعلا هذه الصخور هى كريستال كما يقترح البعض، أم هى زبرجد كما يقترح البعض الآخر أم أوبسيديان كما يؤكد البعض أم غير ذلك من الأحجار الكريمة؟؟مطالبًا بسرعة تشكيل لجنة مختصة بمشاركة وزارة البيئة والآثار والأجهزة المعنية والجهات العلمية المختصة لتقييم الأمر والحصول على عينات من أعماق مختلفة لإجراء جميع التحاليل العلمية والعملية اللازمة والتى يمكن من خلالها التعرف بدقة على ما يلي:
١- ماهى هذه الصخور ؟.
٢- ماهى طبيعتها ودرجة نقاوتها ؟.
٣- ماهو مصدرها والكميات الموجودة منها ؟