أحداث حرب داحس والغبراء بين 7 قبائل عربية.. وهذا سببها
أسماء صبحي
سمِّيت حرب داحس والغبراء بهذا الاسم نسبةً إلى فرسين في الجاهلية كانا يحملان الاسم نفسه. فقد كان داحس حصانًا قويًّا وكانت الغبراء فرسًا سريعة، وكانا يعودان لقيس بن زهير وهو من قبيلة عبس الغطفانية. وقد تراهن قيس بن زهير وحذيفة بن بدر عليهما، إذ راهن قيس على داحس. وراهن حمل بن بدر على الغبراء وأصرَّ على أنَها أسرع من داحس.
سبب حرب داحس والغبراء
كان قيس بن زهير بن جذيمة العبسي قد قصدَ المدينة حتى يجهِّزَ نفسه لأخذ ثأر أبيه. حيث قتِل والده زهير بن جذيمة على يد أبناء قبيلة هوازن وعلى رأسهم خالد بن جعفر بن كلاب. وصل قيس إلى المدينة واشترى درعًا من أحيحة بن الجلاح كانت تسمى ذات الحواشي. وفي طريق عودته التقى بالربيع بن زياد العبسي وطلب منه أن يساعده في الأخذ بالثأر.
وافق الربيع على ذلك، وسأله الربيع أن يريه ما ابتاعه من جهاز من أجل الحرب. فرأى الدرع وأعجبته كثيرًا فارتداها ورفض أن يخلعها، وأصر قيس على طلب الدرع وأصر الربيع على عدم ردِّها. فوقع الشر بينهما، حتى أغار قيس على نعم للربيع وغنم منها كثيرًا وباع ما اغتنمه واشترى به خيلًا من المدينة ومن ضمنها داحس والغبراء.
أقام قيس بن زهير في المدينة زمنًا يفاخر أهلها وهم يفاخرونه بالبيت المعمور وهو الكعبة. حتى ملَّ جوارهم وخشي وقوع الشر، ثمَّ طلبَ جوار بني بدر من قبيلة ذبيان أبناء عمومته. فأجاره حذيفة بن بدر وأخوه حمل، ولكنَّ ذلك أوغرَ صدر الربيع وأغضبه على أبناء بدر. ولكنَّهم لم يغيروا شيئًا تجاه قيس بن زهير، لكنَّ حذيفة كان قد اغتاظ من قيس وكرهه، وأراد أن يخرجه من أرضهم بحجة يصطنعها.
انطلق قيس إلى العمرة وأوصى قومه أن يحذروا حذيفة ويتقوا شره ريثما يعود من العمرة. وفي تلك الفترة قام ورد بن مالك وهو شاب من بني عبس أشار إلى حذيفة أن يحتفظ بفحل من خيول قيس لتكون أصلًا لخيوله. لكنَّ حذيفة رفض وادّعى أن خيله خير من خيل قيس، وتجادلا في ذلك حتى تراهنا على فرسين من خيل قيس وفرسين من خيل حذيفة.
بداية الحرب
لحق ورد بن مالك بقيس بن زهير إلى مكة وأخبره بقصته، فعلم أنَّ الشرَّ قد بينهما. وعند عودته طلب من حذيفة أن يفك الرهان فرفض ذلك. وقصدته جماعة من عبس وفزارة فرفض إلا أن يعترف قيس بأنَّ السبق له وأنَّه ربح الرهان. وكان الرهان على فرسَي حذيفة وهما الخطار والحنفاء وفرسَي قيس وهما وداحس والغبراء. ووردَ أيضًا أنَّ الرهان كان على داحس والغبراء، فقد أشار قيس إلى أنَّ داحس أسرع وأصرَّ حذيفة على أنَّ الغبراء أسرع .وأراد أن يراهن قيسًا ليثبت له خبرته في الخيل وأنَّه متفوق عليه.
بعد أن اتفقوا وكان يوم السبق أرسل حذيفة رجلًا على طريق السبق ليردَّ داحس إذا سبق حتى تسبقه الغبراء، وهذا ما حدث. وبعد أن ربح حذيفة وأصر على طلب الرهان وعلم الجميع بأنَّه غشَّ وأعاق تقدم داحس. رفض قيس منحه الرهان، وأصر حذيفة على طلبه وأرسل ابنه لطلبه بعد أيام وبعد أن بلغ رسالته طعنه قيس وقتله وبدأت الحرب بذلك.
القبائل المشاركة في حرب داحس والغبراء
لم تقتصر حرب داحس والغبراء على قبيلتي عبس وذبيان، بل توسَّع نطاق الحرب ليشمل الكثير من قبائل الجزيرة العربية وقتها. من أشهر تلك القبائل: شيبة وأسد وصبة وغطفان وفزارة. فقد بدأت الحرب بين عبس من جهة وبين ذبيان وفزارة من جهة أخرى. لكن عندما اشتدت الحرب استعانت ذبيان بقبيلتي أشجع وأسد بن خزيمة وجمع لاحقًا بقية بطون قبيلة غطفان.
هناك عدد من القبائل قاتلت عبسًا أيضًا وهي: قبيلة شيبان بن بكر وقبيلة كندة وقبائل منطقة هجَر. كما قاتلت عبس أحد أحياء قبيلة كلب في منطقة عراعر، ثمَّ تحالفوا مع بني ضبة وقاتلوا بني تميم وهزموهم. ثمَّ ضاقت بهم بنو ضبة وضيقت عليهم فقاتلتها عبس وهزمتها وغنمت منها. وبعدها تحالفت عبس مع بني كلاب، ثمَّ أقامت عند بني عامر بن صعصة وجاءتها ذبيان واقتتلوا عندهم. ثمَّ نزلوا عن قبيلة تيم فبغت تيم عليهم فاقتتلوا قتالًا شديدًا.
نهاية الحرب
بعد أن ضاقت الأرض بقبيلة عبس وهي تنتقل من مكان إلى مكان وبعد أن ملَّت وتعبت كثيرًا من الحرب عادت إلى أرضها. وتوجَّهوا إلى الحارث بن عوف بن أبي حارثة في الليل، وكان يقيم عند حصن بن حذيفة بن بدر وأخبره حاجتهم .فعاد إلى حصن بن حذيفة يخبره فرفضَ ذلك وأباح الصلح لقومه. ثمَّ توجَّه قيس بن زهير والربيع بن زياد وهما سيّدا عبس إلى يزيد بن سنان بن أبي حارثة حتى يساعدهم في الصلح.
قبل بذلك وتوجه إلى أبيه يخبره أنَّ عبس تريد أن يتمَّ الصلح به ليجمع شمل غطفان. ورضي سنان بذلك وطلب ذلك من حصن بن حذيفة وقد كان حكيمًا، فوافق الجميع على الصلح بعد حرب دامت سنوات طويلة. وقيل استمرت أربعين سنة، وقيل إنَّ الحارث بن عوف وهرم بن سنان المريان هما من سعيا في الصلح وأصرَّا عليه. ودفعا ديَّات القوم من مالهما بعد إحصاء القتلى من الطرفين، وقد مدحهما زهير بن أبي سلمى في معلقته.