حوارات و تقارير
روسيا تجمد حوار الاستقرار الاستراتيجي مع واشنطن وأوكرانيا تتحدث عن احتمال وقف المفاوضات
دعاء رحيل
أعلنت وزارة الخارجية الروسية، أمس السبت عن الحوار بين موسكو وواشنطن بشأن الاستقرار الإستراتيجي مجمد حاليا، ويمكن استئنافه عقب انتهاء -ما تسميه روسيا- “العملية العسكرية الخاصة” في أوكرانيا، في حين تقول أوكرانيا إن المفاوضات مع روسيا لوضع حد للحرب تباطأت بسبب “جرائم الحرب الروسية”، وتحدثت الرئاسة الأوكرانية عن “احتمالات كبيرة” لتوقف محادثات السلام مع موسكو.
وفي هذا الصدد قال مدير إدارة منع الانتشار وتحديد الأسلحة بالخارجية الروسية، فلاديمير يرماكوف، إنه من المحتمل العودة للحوار مع الولايات المتحدة حول موضوع الاستقرار الإستراتيجي، ولكن “بعد استكمال مهام العملية الروسية الخاصة في أوكرانيا”.
والمقصود بحوار الاستقرار الإستراتيجي جولات المباحثات الرامية إلى الحد من التسلح بين القوتين النوويتين. وكان الطرفان توصلا إلى اتفاق قبل عام لتمديد معاهدة “نيو ستارت” (New START) بشأن الحد من الترسانات النووية لمدة 5 سنوات.
حرب نووية
وفي هذا الإطار، نقلت وكالة “تاس” الروسية للأنباء عن يرماكوف قوله إن روسيا ترى أنه ينبغي إبقاء مخاطر نشوب حرب نووية عند الحد الأدنى، وأنه يتعين منع أي صراع مسلح بين القوى النووية. وجاء تصريح المسؤول الروسي بعد أقل من أسبوع على تحذير وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من مخاطر نشوب صراع نووي بسبب أوكرانيا.
وتعقيبا على تصريح لافروف، قالت الولايات المتحدة إنها لا تعتقد أن هناك تهديدا باستخدام روسيا للأسلحة النووية، على الرغم من التصعيد الأخير في خطاب موسكو.
وفي مقابلة نشرتها وكالة أنباء الصين الجديدة الرسمية أمس السبت، دعا وزير الخارجية الروسي حلف شمال الأطلسي “ناتو” (NATO) وواشنطن إلى الكف عن مد كييف بالأسلحة “إذا كانا مهتمين فعلا بحل الأزمة الأوكرانية”.
وقال لافروف إن “تدفقا متواصلا لجميع أنواع الأسلحة دخل إلى أوكرانيا عبر بولندا ودول الناتو الأخرى”، وأضاف وزير الخارجية الروسي “إذا كانت الولايات المتحدة والناتو مهتمّين فعلا بحل الأزمة الأوكرانية، فعليهما قبل كل شيء أن يستيقظا ويتوقفا عن تسليم نظام كييف أسلحة وذخيرة”.
ونقلت وكالة الإعلام الروسية بدورها عن لافروف قوله إن “روسيا لا تعدّ نفسها في حالة حرب مع الناتو بسبب أوكرانيا، لأن حدوث مثل هذا التطور سيزيد مخاطر اندلاع حرب نووية”.
مصير المفاوضات
وبشأن المفاوضات مع كييف، أكد لافروف أن رفع العقوبات المفروضة على روسيا جزء من هذه المفاوضات التي قال إنها “صعبة” لكنها مستمرة يوميا.
وقال لافروف إن “الوفدين الروسي والأوكراني يناقشان بالفعل حاليا مسودة معاهدة محتملة على أساس يومي عبر مؤتمرات الفيديو”.
ولم تعقد أوكرانيا وروسيا محادثات مباشرة منذ 29 مارس/آذار الماضي بعد توتر الأجواء بسبب مزاعم أوكرانية بأن القوات الروسية ارتكبت فظائع في أثناء انسحابها من المناطق القريبة من كييف، وتنفي موسكو هذه المزاعم.
في المقابل، حذرت كييف -أول أمس الجمعة- من أن المحادثات بشأن “إنهاء الغزو الروسي الذي دخل شهره الثالث الآن معرضة لخطر الانهيار”.
بينما أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن هناك احتمالات كبيرة بتوقف محادثات السلام مع موسكو، مبررا ذلك بـ”الغضب الشعبي من الفظائع التي ارتكبتها القوات الروسية في بلاده”.
وفي المقابل ذكر ميخايلو بودولياك مستشار مكتب الرئيس الأوكراني -في تصريحات إذاعية- أن لقاء الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين وزيلينسكي لن يحدث قريبا كما تقول تركيا، بل يجب الانتظار، وأضاف بودولياك أن كييف لا ترى سببا لعقد اجتماع مباشر بين مجموعات التفاوض الأوكرانية الروسية، وأن المفاوضات تباطأت بسبب جرائم الحرب الروسية في كييف وبقية المدن الأوكرانية، ورغبة روسيا في تحقيق انتصارات تكتيكية شرقي البلاد.
مدير مكتب الرئيس الأوكراني قال إن بلاده تقترح اتفاقية جماعية جديدة بشأن الضمانات الممنوحة لأوكرانيا، وذلك لضمان ألا تكون الهدنة مع روسيا مؤقتة وهشة.
ومن جهته، قال أندريه يرماك مدير مكتب الرئيس الأوكراني إن بلاده تقترح اتفاقية جماعية جديدة بشأن الضمانات الممنوحة لأوكرانيا لتكون أساسا للاستجابة الجماعية للتحديات الأمنية العالمية، مضيفا أن أي هدنة مع روسيا ستكون مؤقتة وهشة من دون هذه الضمانات.
قمة العشرين
وفي الولايات المتحدة، قالت وزارة الخارجية إن واشنطن ترفض مشاركة روسيا في المجتمع الدولي أو في المؤسسات الدولية، وكأن شيئا لم يكن، وذلك تعليقا على دعوة إندونيسيا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين للمشاركة في قمة مجموعة العشرين المقرر عقدها في إندونيسيا نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وفي مؤتمر صحفي، امتنعت جالينا بورتر -مساعدة المتحدث باسم الخارجية الأميركية- عن التعليق على سؤال بشأن إذا ما كانت الولايات المتحدة ستحضر قمة العشرين في إندونيسيا أم لا.
وفي سياق متصل، قالت الرئاسة الفرنسية أمس السبت إن الرئيس إيمانويل ماكرون أعلن أنه سيرسل المزيد من المعدات العسكرية والدعم الإنساني لأوكرانيا، وذلك خلال اتصال هاتفي مع نظيره الأوكراني اليوم.
وزودت فرنسا والولايات المتحدة والتشيك وحلفاء آخرون كييف بمئات القطع المدفعية البعيدة المدى للمساعدة في التصدي للهجوم الروسي على دونباس. وترسل باريس من جانبها بنادق قيصر الذاتية الحركة والفائقة الحداثة.
وأكد الإليزيه -أمس السبت- أن المساعدات الإنسانية الفرنسية لأوكرانيا تمثل في هذه المرحلة “أكثر من 615 طنا من المعدات المرسلة، بينها المعدات الطبية، ومولدات الكهرباء للمستشفيات، والمساعدات الغذائية، والسكن، وسيارات الطوارئ”.
الجدير بالذكر أن روسيا أطلقت 24 فبراير/شباط الماضي هجوما على أوكرانيا تبعه رفض دولي وعقوبات اقتصادية مشددة على موسكو، التي تشترط لإنهاء عمليتها تخلي كييف عن خطط الانضمام إلى كيانات عسكرية والتزام الحياد، وهو ما تعده الأخيرة تدخلا في سيادتها.