حكاية شارع عدلي.. اسمه الأول “المغربي” موطن المفكرين والأدباء على مدى عقود
أميرة جادو
يعد شارع عدلي من أهم وأعرق شوارع وسط القاهرة الحديثة، ويبدأ من ناصية شارع طلعت حرب، وينتهى عند اتساع ميدان العتبة تحت فندق الكونتنتال.
ووفقًا لما ذكر في كتاب “القاهرة شوارع وحكايات”، يجمع شارع عدلي أطراف مجد أسرة محمد علي باشا، وأهم المآثر العمرانية والعسكرية والفنية التي أنجزتها طوال جلوسها على عرش مصر، فشارع طلعت حرب الذي يبدأ منه كان قبل ثورة يوليو 1952 يحمل اسم مؤسس جيشها سليمان باشا الفرنساوي، والميدان كان به الأوبرا الشهيرة التي كانت ذروة انشغالهم بالفن، وحديقة الأزبكية التي ينتهي على مشارفها كانت من أهم مفاخرهم العمرانية، ولاجم الحصان الجامع هو القائد إبراهيم بن محمد علي وصاحب الفتوحات الكبيرة.
أما المنطقة التي يقع فيها شارع عدلي الآن، فهي قلب قاهرتهم التي بناها الخديوي إسماعيل على الطراز الأوروبي، غير أن أهم ما يميز تاريخ الشارع أنه ظل على مدى عقود عديدة وربما قرون موطنا للعديد من الكتاب والمفكرين والأدباء.
تاريخ شارع عدلي
وكان الشارع حتى ثلاثينات القرن يعرف باسم “شارع المغربي”، وذلك لأنه كان يتقاطع مع الخليج الناصري، ويمر فوقه على قنطرة كان اسمها “قنطرة المغربي”؛ نسبة إلى القاضي صلاح الدين يوسف بن المغربي، الذي كان رئيسا لأطباء مصر في عهد السلطان المملوكي الناصر محمد، وأنشأ بالشارع جامعا خصص فيه درسا ورتب له القراء، وبنى بجواره قبة دفن فيها عام 756 هجريا.
وبحسب الكتاب، استمر هذا الجامع عامرا لمدة طويلة قبل أن يلحق به الدمار الذي أصاب الشارع والمنطقة كلها، مما دفع المؤرخ الشهير المقريزي إلى أن يتنبأ وقد آلمه دماره بأنه (آيل إلى أن ينقض ويباع كما بيعت أنقاض غيره)، غير أن نبوءة المقريزي لحسن الحظ لم تتحقق، وظل الجامع باقيا بالشارع حتى اليوم، وإن كان قد تضاءل حتى وصل إلى زاوية صغيرة في مدخل عمارة ضخمة تحمل رقم 30 شارع عدلي.
وفي الجهة الغربية للشارع كانت هناك بحيرة صغيرة تعرف بـ”بركة القرطوطي”، وشواطئها كانت مزدحمة بقصور ودور أثرياء وأعيان هذه الفترة، خصوصا من الأدباء والكتاب؛ لذلك كانت تعرف بـ”منشأة الكتاب”، وقد عاصرها المؤرخ المقريزي في شبابه.
ولكن لم يستمر وجود تلك المنطقة طويلا، حيث “هدمت منازلها، وبيعت أنقاضها وخربت بساتينها بعد قتل الأشرف شعبان بن حسين بن الناصر عام 878 هـ”، وهذا ما جعل المقريزي يتوقع زوال جامع المغربي.
من هو عدلي باشا؟
وفي سنة م1933، تم تغيير اسم الشارع لصبح باسم عدلي باشا، وهو رجل أرستقراطي، وكان أحد أعضاء الوفد المصري الذي فاوض الإنجليز في عام 1919 للجلاء عن مصر.
وأشار الكتاب، إلى أن عدلي، يتميز بحساسية مفرطة، لدرجة أنه الوحيد بين رؤساء حكومات مصر الذي قدم استقالته عندما هاجم أعضاء مجلس النواب وزيرا في حكومته، وأصر عليها رغم توسلات المجلس نفسه، وبدأ عدلي يكن، يأخذ مكانته المرموقة بين أبرز سياسيي مصر في بداية القرن الـ20 عندما كان وزيرا للمعارف، واختاره حسين رشدي باشا رئيس وزراء مصر عام 1917 لكي يزامله في رئاسة الوفد الحكومي الذي اقترح أن يسافر إلى لندن لعرض القضية المصرية.