تاريخ ومزارات

فندق كتراكت بأسوان.. الأسطورة الثالثة على مستوى العالم

أسماء صبحي
 
في قلب صحراء النوبة وعلى صخور الجرانييت الزهرية المطلة على نهر النيل يتربع هذا الصرح الأسطوري، فندق كتراكت أسوان، واستوحى الفندق اسمه من موقعه، فإن كلمة “كتراكت” تعني التقاء المياه بالحاجز الجرانيتي، مما يخلق شلالاً صغيراً.
 
الفندق الذي يتميز بطابعه الفيكتوري لا يخلو الداخل فيه من الطابع الشرقي المميز، فالمطعم الرئيسي مقام على الطراز الأندلسي ذي قبة ارتفاعها 75 قدماً، وأعمدة مستوحاة من مسجد ابن طولون، أما أشهر الأماكن فيه فهو التراس فهو يمكن الضيوف والنزلاء من رؤية غروب الشمس وهي تنزل في حضن الجبل، المترامي والبعيد بلا مدى.
 

إنشاء الفندق

وتتوالى القصص على الفندق، لتخلق أسطورة تلو الأخرى من أروقته وغرفه، فلقد بدأت حكاية الفندق منذ إنشائه عام 189، ليستضيف علية القوم ومشاهير العالم على مر السنين.
 
ففى 1902 حضر الخديوي عباس حلمي حاكم مصر والدوق كونوت الابن الثالث للملكة فيكتوريا واللورد وتم افتتاح المطعم الرئيسي للفندق، ولقد اتسعت شهرة الفندق منذ ذلك الحين.
 

زوار الفندق

ومن زوار الفندق التاريخيين قيصر روسيا «نيكولاي الثاني»، وعالم الآثار الإنجليزي «هاورد كارتر» مكتشف مقبرة الملك الذهبي توت عنخ آمون، والملك فاروق ملك مصر، والكاتبة الشهيرة «أغاثا كريستي» والتي كتبت قصتها العبقرية «جريمة على ضفاف النيل» حيث استوحت أحداثها أثناء جلوسها في شرفة غرفتها بالفندق، كما صور الفيلم فيما بعد في «كتراكت»، والملك محمد الخامس ملك المغرب، والأميرة ديانا ملكة القلوب، وملك مصر والسودان الملك فؤاد، وكان النحاس باشا رئيس وزراء مصر يجلس على الأريكة في الجانب الأيمن من بهو الفندق وكان طعامه الخاص يعد في مطبخ الفندق القديم.
 

الأغا خان وكتراكت

كان الأغا خان من رواد الفندق الذي اختار مدفناً له على مرمي الفندق، ولهذا المدفن قصة تتبادر إلى الذهن عندما يأتي الحديث عن فندق كتراكت، فكان الأغاخان وهو أمير الطائفة الإسماعيلية، يأتي إلى مصر وارتبط بعلاقات وطيدة مع أسرة محمد علي في زمن الملك فؤاد وبعده فاروق.
 
وفي إحدي زياراته كانت العائلة المالكة تعد حفلاً أسطورياً لمكلة جمال العالم القادمة من أوروبا اسمها «إيفيت»، ووقع الأمير محمد أغاخان في هواها من النظرة الأولى، وكان برنامج الاحتفاء بزيارة ملكة جمال العالم يتضمن زيارة أسوان.
 
وكان اللقاء الثاني بين أغاخان وإيفيت في أسوان، وكان الزواج من الفتاة التي غيرت اسمها إلي «البيجوم أم حبيبة»، ولم تنقطع زيارات أغاخان عن كتراكت ومدينة أسوان التي اعتاد زيارتها بعد نصيحة من أطبائه بأن يدفن جسده في رمالها الساخنة للعلاج من أمراض روماتيزمية في الساقين.
 
ومن شدة عشقه لهذه الرمال، التي كان يشاهدها من جناحه في الفندق قرر أن يدفن فيها، فطلب من جمال عبد الناصر شراء قطعة أرض، وتحقق له طلبه كهدية من الدولة لأحد الشخصيات العاشقة لمصر، وبنيت مقبرته عليها ودفن فيها بعد موته.
 
وكانت البيجوم أم حبيبة تأتي سنوياً لزيارته والإقامة في المكان الذي كان يتردد عليه زوجها، “فندق كتراكت”، ومن فرطه عشقها للمكان الذي كانت تراه من شرفات الفندق طلبت أن تدفن مع زوجها بعد موتها، وتحقق لها ذلك عام 2000.
 
إنه سحر المكان الذي شهد أروع أساطير الغرام بين الأمير وملكة الجمال، فهي كانت تأتي سنوياً لتضع الورود الحمراء علي المقبرة في الضفة الأخرى من النيل.
 
والفندق لم يكن مجرد مبنى فندق سياحي عابر بين الفنادق، ولكن صنعه التاريخ، وفي أروقته كان مشاهير العالم يقضون أوقاتهم بعيداً عن الضجيج والصخب، وكانوا يأتون للاستمتاع بالخيال والنيل، وأصبح الفندق الآن الأسطورة الثالثة على مستوى العالم والأولى على الشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى