قبائل و عائلات

قبيلة “النعيم”.. حاربت التتار والمغول وهزمت الفرنسيين في لبنان

أسماء صبحي
 
تعد قبيلة “النعيم” واحدة من القبائل العربية ذات الانتشار الواسع والنسب الواحد، حيث توزّع أبناؤها على أغلب الدول العربية والمجاورة لها ودون أن يختلف النسّابون لأصلها، ويعتبرها الكثيرون من القبائل العربية الأكثر انتشاراً وأكبرها عدداً، ولها ما يميّزها عن باقي القبائل والعشائر من حيث النسب والسيادة والصفات التي جعلتها من سادة هذه القبائل وأكثرها ريادة.
 

انتشارها

قبيلة النعيم رغم كثرة عشائرها ووسع انتشارها إلا أن نسبها لم يختلف عليه اثنان كباقي بعض القبائل أو العشائر، فلم يقل يوماً ما ربما يعود نسبها لكذا أو يقال أن نسبها لكذا أو لكذا، وإنما نسبها معروف بين القبائل كافة يعود لسبطيّ رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام (الحسن والحسين)، ولهذا سميت القبيلة بـ “السادة النعيم” أو السادة الأشراف”.
 
وتنتشر قبيلة “النعيم” بأغلب الدول العربية كسوريا والعراق ولبنان والأردن وفلسطين ومعظم دول الخليج العربي ومصر وليبيا، كما تنتشر في جنوب تركيا وإقليم الأهواز العربي بإيران، ولهذا تعتبر قبيلة النعيم إحدى أكبر ثلاث قبائل عربية بالعصر الحالي، وأفرادها تعدادهم بالملايين.
 
ويرجع سبب الانتشار الواسع لقبيلة “النعيم” لعدة أسباب منها ما جرى في المدينة المنورة من أحداث قديمة فاضطر بعض السادة الأشراف من آل البيت للخروج منها والتوزع بعدة أماكن، وكذلك بحث أبناء القبيلة عن المراعي كونهم أصحاب قطعان كبيرة، ولهذا أطلق البعض على قبيلة النعيم بالقبيلة “الدوارة” لكثرة تنقلها وبحثها عن الكلأ والمرعى.
 

“النعيم” في سوريا

ما يميّز قبيلة النعيم في سوريا هو اتخاذها منحيين، أحدهما باتجاه المدن فأصبحوا من أهل الزراعة والتجارة والتعليم، واشتهروا بذلك ولديهم في القبيلة عوائل وشخصيات ذات سمعة ومكانة كبيرة بين السوريين، والمنحى الثاني كان باتجاه البوادي والقفار ورعاية المواشي بما أن أبناء القبيلة من أصحاب الضّرع والخيل وعندهم الأعداد الكبيرة منها.
 
ولهذا نجد القبيلة متوزعة بكثافة بين المدن والأرياف وفي البوادي السورية من جنوبها في سهل حوران وهضاب الجولان وحتى شمالاً على ضفاف نهر العاصي بحمص وحماة وسهول حلب، إضافة للعائلات المرموقة في دمشق وحمص وحماة وحلب وإدلب.
 
ويقترب تعداد قبيلة النعيم في سوريا حالياً من 4 ملايين شخص, واستوطنوا سوريا منذ أكثر من 800 عام عبر جدّهم عز الدين أبو حمرة الكبير، والذي أنجب 8 أبناء وبالتالي يعود نسب غالبية قبيلة النعيم في سوريا لهم بالإضافة لبعض الأفخاذ من أبناء عمومتهم الحسينيين.
 
وأبناء قبيلة النعيم إن كانوا من أبناء المدن والأرياف أو من أبناء البوادي والسهول، قدّموا لسوريا الكثير خلال العقود الماضية من حيث الشخصيات الوطنية والعشائرية المرموقة والتي ذاع صيتها في كل زمان ومكان، محافظين على أصلهم الشريف وأخلاقهم الرفيعة.
 

نضالها

وقبيلة “النعيم” من القبائل القليلة التي لم تكن عميلة لأي استعمار، والتاريخ يشهد بنضالها إن كان على زمن التتار والمغول أو زمن العثمانيين والفرنسيين وحتى في العصر الحديث، كما أن للقبيلة باع طويل بالنضال ضد التتار والمغول على يد شيخها عز الدين أبو حمرة الكبير ورجاله وأولاده.
 
وشارك الشيخ محمد العجرف في معارك الدولة ضد تسلّط الدولة العثمانية على السوريين وأبناء القبيلة وحارب ضد واليه الأمير إدريس الموالي، وقبل دخول الفرنسيين إلى سوريا كانوا متواجدين في دولة لبنان، فقرر أبناء قبيلة النعيم غزو الفرنسيين في لبنان منعاً لدخولهم سوريا عبر منطقة الجولان التي تعتبر أرض القبيلة، وكان قائد المعركة التي حصلت في “حصن ثابت” الأمير حسن الطحان أحد مشايخ قبيلة النعيم, وتمكنوا حينها من قتل بعض الفرنسيين في الحامية الفرنسية واغتنام رشاش.
 
ولم يقتصر نضال أبناء قبيلة النعيم ضد الفرنسيين على الجانب العسكري وإنما تعدّاه للجانب السياسي, خاصةً أن بعض أبناء القبيلة سكنوا المدن وتعلموا فيها فكان لهم دورهم السياسي في البرلمان السوري قبل وبعد جلاء المحتل الفرنسي عن أرض سوريا.
 

عاداتها ونخوتها

يتميّز أبناء قبيلة النعيم بحميّتهم الكبيرة خاصة فيما يخصّ نصرة المظلومين والدفاع عن آل البيت ودين الله، كما يتميّزون بشجاعتهم التي قارعت ووقفت بوجه كل من حاول الاعتداء على القبيلة أو مناطق وجودها.
 
كما تشتهر قبيلة النعيم بتربية الخيول الأصيلة خاصة في مناطق الجولان وحمص، ولهذا نخوة القبيلة أخذت من الخيل الأصيلة.
 
ونخوة قبيلة النعيم هي “أهل الصفرا” نسبة للخيل الصفراء الأصيلة التي كانوا يربونها, وكان أشهر مشايخها يهتم بها ويعتني بها لتكون سنده حين يشتدّ الكرب عليهم ويشتدّ وطيس المعارك، فلا تخونهم الصفراء أبداً بتلك المواقف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى