حوارات و تقارير

خبيرة في التراث تتحدث عن أوامر الحاكم بأمر الله التي سجلها التاريخ وتعجب منها المؤرخون

أسماء صبحي

شخصية الحاكم بأمر الله من الشخصيات التى ما تزال حتى اليوم تثير جدلاً واسعاً بين الباحثين والمؤرخين. الذين تصدوا لكتابة تاريخ الدولة الفاطمية. فبعضهم يراه مجنوناً، وبعضهم يراه حكيماً. وبعضهم يراه طفلاً تولى الحكم وفرضت عليه ظروفاً جعلته عنيفا ودمويا.

وتقول علياء داود، الخبيرة في التراث، أن الحاكم حكم مصر بعد وفاة والده العزيز بالله الفاطمي. وكان طفلاً صغيراً لم يتجاوز الحادية عشرة، وسيطر عليه رجال القصر وأخته ست الملك. ولكنه ما لبث أن تخلص من الجميع وسيطر وتحكم وأصبحت له أموراً عجيبة وأوامر أعجب مالت إلى الدموية والعنف.

وأضافت داود، أن الغموض أحاط بحياته وموته، فقد خرج ببغلته وغلمانه ولم يعد. وقيل ما قيل في اختفائه ولكنه ما يزال محل نقاش وحوار.

أوامر الحاكم بأمر الله

وأشارت داود، إلى أن الحاكم بأمر الله اتخذ إجراءات سخر منها التاريخ، وهي:

  • منع أكل الملوخية والجرجير والقرع، والمتوكلية، وأم الخلول، والترمس العفن، ويقول بعض المؤرخين، إن منع الملوخية والمتوكلية كان بسبب حب معاوية لهما. ومعاوية خصم آل البيت، وخصم الفاطميين.
  • أمر بقتل الخنازير، ومنع عجين الدقيق بالرجل، ومن الواضح أن سبب منع معظم هذه الأطعمة صحي بحت، فكثير منها كان يتسبب عنها أضراراً صحية بالغة، خاصة إذا راعينا الحالة الصحية وقتئذ وتفشي الأوبئة.
  • منع زراعة الكروم، حيث أراد الحاكم بأمر الله تحريم شرب الخمر، وكانت منتشرة جداً في ذلك الوقت بسبب حالة الرخاء الاقتصادي التي حدثت بعد الفتح الفاطمي لمصر، كما أن الدين الإسلامي ينهى عن الخمر.
  • منع صناعة النعال الحريمي، ومنع النساء من الخروج ليلاً. ومنعهن من كشف وجوههن وراء الجنائز والخروج إلى حلقات الرقص خارج المدينة. واستمر منع النساء من سنة 404هـ (1013م) حتى خلافة الظاهر عام 411هـ (1020م). أي أنهن قضين سبع سنوات محبوسات. وكان الدافع لاتخاذ هذه الإجراءات أخلاقياً، وهو محاربة الفساد من أجل الحفاظ على التقاليد الدينية.

إجراءات صحية

وتابعت الخبيرة في التراث، إنه من ناحية أخرى، اتخذ الحاكم بأمر الله عدة إجراءات أخرى. منها إنشاء دار لأموال اليتامى، لا يدفع من مال اليتيم إلا إذا حضر أربعة من ثقات القضاة. وأمر بقتل الكلاب، فقتل منها ما لا يحصى حتى لم يبق منها بالأزقة والشوارع شيء. وطرحت بالصحراء وشاطئ النيل، وأمر بكنس الأزقة والشوارع وأبواب الدور في كل مكان، وتلك إجراءات صحية.

وقالت إنه في ربيع الأول سنة 394هـ (1003م)، أمر بإضاءة القناديل في الليل بسائر الحواري والأزقة بالقاهرة. وهنا نجد بعض المؤرخين يفسرون هذا الإجراء الذي يستهدف الحفاظ على الأمن. ولقد أثرت الرواية التاريخية المغرضة في وجدان الشعب. فنجد بعض الروايات المتوارثة في القاهرة القديمة تقول:

إن الحاكم بأمر الله قلب الليل إلى نهار، وإنه ركب بعد شروق الشمس. (أي غروبها طبقاً للنظام الجديد ليرى هل يلتزم الناس بأوامره، والنوم نهاراً” باعتباره ليلاً). وفعلاً، وجد الطرقات خالية، والدكاكين مغلقة، لكن إسكافياً عجوزاً كان لا يزال يعمل. وفي الضوء النهاري أشعل مصباحاً صغيراً، اقترب منه الحاكم متسائلاً عن السبب في مخالفته الأوامر. فرفع الرجل إليه عينين ضعيفتين وقال: “أصلي سهران بعض الوقت”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى