تاريخ ومزارات

قصر شبرا التاريخي في الطائف.. جوهرة العمارة ومهد القرار السياسي

أسماء صبحي – في قلب مدينة الطائف، التي تعد من أقدم المدن التاريخية في الحجاز. يبرز قصر شبرا كأحد الشواهد المعمارية الفريدة في الجزيرة العربية. وهذا القصر، الذي يعود بناؤه إلى نهاية القرن التاسع عشر الميلادي، لم يكن مجرد مقر إقامة. بل لعب أدوارًا سياسية وتاريخية مهمة وكان مقرًا صيفيًا للملوك ومكانًا لاتخاذ قرارات مصيرية في تاريخ الدولة السعودية.

وبينما يعود اسم “عكاظ” إلى السوق الأشهر في الجزيرة. فإن الطائف كانت الحاضنة الكبرى لتلك الحياة الاقتصادية والثقافية، وقصر شبرا هو أبرز معالمها الباقية حتى اليوم.

نبذة تاريخية عن قصر شبرا

شيد القصر عام 1323هـ (1904م) بأمر من علي عبد الله بن عون باشا، أحد وجهاء الحجاز في نهاية العهد العثماني. وبني القصر على النمط المعماري الحجازي الذي يمزج بين الفن الإسلامي العثماني والطراز الروماني في تفاصيله الخارجية والداخلية.

ويتكون القصر من أربعة طوابق، بنيت من الحجارة والطين والخشب، وتزينت جدرانه بالنقوش والزخارف الإسلامية الدقيقة. مما جعله أيقونة معمارية تمثل مرحلة انتقالية مهمة في العمارة العربية.

القصر في عهد الملك عبد العزيز

بعد توحيد المملكة العربية السعودية على يد الملك عبد العزيز آل سعود. تحول قصر شبرا إلى مقر صيفي رسمي للعاهل السعودي. وأقام فيه الملك عبد العزيز خلال زياراته للطائف. كما استقبل فيه الوفود الرسمية من دول العالم، وألقى فيه عددًا من خطاباته، واتخذ منه مقرًا للعديد من الاجتماعات الحكومية.

ويقول الدكتور فهد الناصر، الباحث في تاريخ الطائف وعضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز، إن قصر شبرا ليس مجرد بناء قديم. بل هو شاهد حي على مرحلة تأسيس الدولة السعودية الحديثة. فقد اتخذ منه مقر للقيادة والإدارة خلال فترات الصيف التي كانت الطائف فيها العاصمة الصيفية غير المعلنة.

عمارة قصر شبرا

يمتاز القصر بجمال معماري فريد، حيث بُني من الحجارة الجيرية البيضاء، وزينت نوافذه وأبوابه بالنقوش الخشبية الإسلامية. ويحتوي على أكثر من 150 غرفة، موزعة على طوابقه الأربعة مع سلالم خشبية فاخرة تمت صناعتها يدويًا.

ويحيط بالقصر حديقة واسعة مليئة بأشجار الليمون والرمان. بالإضافة إلى بئر ماء قديم كان يمدّ القصر بالمياه. مما يدل على مدى اهتمام القائمين على بنائه بتوفير الاستدامة البيئية.

من الناحية المعمارية، يمثل القصر مزيجًا فريدًا بين العمارة الحجازية التقليدية والتأثيرات الرومانية والعثمانية. كما تظهر بعض لمسات العمارة النجدية في زخارفه الخشبية.

التحول إلى متحف

في عام 1995، أعلنت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني (سابقًا) تحويل القصر إلى متحف رسمي للطائف، بعد ترميمه وإعادة تأهيله. ويضم المتحف اليوم آلاف القطع الأثرية التي تحكي تاريخ الطائف. بالإضافة إلى مقتنيات نادرة من عصر الملك عبد العزيز.

ينقسم المتحف إلى عدة أقسام، منها:

  • قسم الآثار الإسلامية
  • الأسلحة التقليدية
  • قسم العملات القديمة
  • الوثائق والصور الملكية
  • قسم الأدوات المنزلية التقليدية

ويعد المتحف اليوم محطة أساسية في برنامج سياحة الطائف، ويستقطب آلاف الزوار سنويًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى