الأزياء والمجوهرات كفن يُعبّر عن الطبقات الاجتماعية في مصر القديمة

كتبت شيماء طه
لعبت الأزياء والمجوهرات في الحضارة المصرية القديمة دوراً يتجاوز الوظيفة الجمالية أو العملية، فقد كانت وسيلة واضحة للتعبير عن الطبقة الاجتماعية، والمكانة السياسية، والدور الديني. وفي مجتمع شديد التنظيم كالمجتمع المصري القديم، أصبح اللباس والزينة مرآة تُظهر هوية الفرد ومكانته داخل البنية الاجتماعية.
أولاً: الأزياء كمؤشر للمكانة الاجتماعية
1. ملابس الطبقة الحاكمة (الفرعون والنبلاء)
كان الفرعون يرتدي ملابس فاخرة مصنوعة من أقمشة الكتان الناعمة عالية الجودة، وغالباً ما كانت تُزيَّن بالذهب والأحجار الكريمة. كما ظهر الفرعون بتيجان مميزة مثل التاج الأبيض والأحمر، والقرون والصولجان، وكلها رموز سلطوية تؤكد مكانته الإلهية.
أما النبلاء، فكانت ملابسهم طويلة، واسعة، وذات طيات دقيقة تعكس الرفاهية، مع ألوان فاتحة وملمس ناعم يدل على الثراء.
2. ملابس طبقة الكهنة
ارتدى الكهنة ملابس بسيطة الشكل لكنها ذات دلالات دينية قوية، إذ كانوا يستخدمون الكتان الأبيض رمزاً للطهارة. بعض الكهنة كانوا يرتدون جلود الفهود في الطقوس، لما لها من رمز للقوة الروحية والحماية.
3. ملابس الطبقة الوسطى
تكوّنت من أزياء عملية تناسب الحرفيين والكتبة والموظفين. كانت مصنوعة من كتان متوسط الجودة، قصيرة نسبياً لتسهيل الحركة. ورغم بساطتها، إلا أنها كانت مرتبة وأحياناً مزينة بخطوط بسيطة.
4. ملابس الطبقة العاملة والفلاحين
ارتدى الفلاحون ملابس بسيطة جداً، غالباً من قطع قصيرة من الكتان غير المكرر. كانوا يحتاجون إلى أزياء خفيفة تناسب العمل في الحقول والحرارة المرتفعة. وهكذا عكس بساطة الزي بساطة الوضع الاجتماعي.
ثانياً: المجوهرات كفن ورمز طبقي
1. مجوهرات الطبقة الحاكمة
كانت المجوهرات عنصراً أساسياً في المظهر الملكي. صُنعت من الذهب الخالص، والفيروز، واللازورد، واليشب. اشتهرت التيجان، والقلادات الضخمة، والأساور العريضة، والأطواق المزينة بالرموز المقدسة مثل الجعران، والصقر، وعين حورس.
لم تكن المجوهرات للزينة فقط، بل كانت رمزاً للقوة والحماية الإلهية.
2. مجوهرات النبلاء والطبقة الوسطى
استخدم النبلاء أحجاراً نصف كريمة، إضافة إلى الذهب والفضة. أما الطبقة الوسطى فكانت تقتني نسخاً أبسط من نفس التصاميم، مستخدمة النحاس أو الفخار الملوّن بدلاً من المعادن الثمينة.
3. مجوهرات عامة الشعب
كانت بسيطة وغير مكلفة، غالباً مصنوعة من خرز الفيانس الأزرق أو الأخضر. ورغم بساطتها، إلا أنها حملت نفس الرموز الدينية للحماية وجلب الحظ.
ثالثاً: الرموز الفنية في الأزياء والمجوهرات
تميزت الزينة المصرية باستخدام رموز تعبّر عن معتقدات المجتمع مثل:
عين حورس: للحماية ودرء الشر.
الجعران: رمز التجدد والبعث.
الصقر ورأس حتحور: رمز القوة والمحبة الإلهية.
اللوتس والنخيل: رمز الحياة والنماء.
كانت هذه الرموز جزءاً من الهوية البصرية للفرد، وتدل على دوره ومكانته.
لقد كان الزي والمجوهرات في الحضارة المصرية القديمة فناً متكاملاً يعبّر عن المجتمع بكل طبقاته. فمن خلال تصميم الملابس، وجودة الأقمشة، وأنواع المجوهرات، استطاع المصري القديم أن يحدد مكانته في المجتمع بشكل واضح. وبينما سعت الطبقات العليا إلى إبراز ثرائها وقوتها، حافظت الطبقات الدنيا على أنماط بسيطة لكنها مرتبطة بالعقائد والرموز نفسها، مما يعكس وحدة ثقافية رغم اختلاف المستويات الاجتماعية.



