تاريخ ومزارات

مسجد فاطمة الشقراء.. تحفة معمارية تروي أسرار القاهرة الفاطمية

إذا حالفك الحظ وسرت في أزقة القاهرة الفاطمية، ستجد نفسك وكأنك تعود بالزمن قرونًا إلى الوراء، وسط شواهد تاريخية تسرد قصصًا من عبق الماضي. وبين هذه المعالم، يبرز مسجد المرأة “فاطمة الشقراء”، ذلك الصرح الأثري الذي يحمل بين جدرانه حكايات امتدت لأكثر من خمسة قرون.

رحلة عبر الزمن إلى قلب الدرب الأحمر

في قلب حي الدرب الأحمر، وتحديدًا بشارع أحمد ماهر، المعروف قديمًا باسم “تحت الربع”، يقع المسجد الذي يعود بناؤه إلى عام 873 هـ / 1468 م، في عهد السلطان المملوكي قايتباي، حيث أنشأه رشيد الدين البهائي، قبل أن تعيد تجديده امرأة استثنائية تركت بصمتها في تاريخ القاهرة، وهي فاطمة الشقراء، التي أصبح المسجد يحمل اسمها حتى يومنا هذا.

من هي فاطمة الشقراء؟

 

هناك روايتان حول أصل هذه السيدة، أولهما أنها كانت زوجة السلطان قايتباي، وسميت بفاطمة الشقراء نسبةً إلى جدتها الأميرة شقراء بنت الملك الناصر فرج بن برقوق. أما الرواية الثانية، فتشير إلى أنها كانت جارية شركسية الأصل، وقعت في الأسر خلال إحدى الحروب، قبل أن تصبح زوجة السلطان قايتباي ووالدة ولي عهده، السلطان محمد بن قايتباي. ومهما كانت حقيقة أصولها، فإنها عرفت بدورها البارز في بناء المساجد والأسبلة، ما جعلها شخصية مؤثرة في الحياة الاجتماعية آنذاك.

كما كان المسجد يعرف قديمًا باسم “جامع المقشات”، نسبة إلى مكان بيع المكانس أمامه، ثم أُطلق عليه لاحقًا “جامع المرأة” تكريمًا للسيدة التي أعادت بناءه. يتميز المسجد بمئذنته التي تعود إلى عام 1036 هـ / 1627 م، والتي تعرضت لأضرار بالغة بسبب زلزال 1992، ما استدعى إغلاقه لفترة طويلة قبل أن يعاد افتتاحه بعد ترميم شامل في مايو 2019.

يضم المسجد محرابًا فريدًا من أجمل المحاريب الحجرية المزخرفة، ويعلوه مستطيلان نقش عليهما “وما النصر إلا من عند الله. إن ينصركم الله فلا غالب لكم”. كما يحتضن مقصورة خشبية بها قبران، أحدهما منسوب للسيدة فاطمة الشقراء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى