“الكتاتيب في مصر” إرث تعليمي عريق في تاريخ الأمة
كتبت شيماء طه
الكتاتيب تمثل أحد أقدم مؤسسات التعليم في مصر والعالم العربي، وقد لعبت دورًا محوريًا في تشكيل النظام التعليمي التقليدي منذ العصور الإسلامية وحتى العصر الحديث.
وكانت الكتاتيب بمثابة مدارس أولية يُعلم فيها الأطفال أساسيات الدين واللغة، مما ساهم في نشر التعليم بين أبناء المجتمع بمختلف طبقاته.
تاريخ الكتاتيب في مصر
يرجع تاريخ الكتاتيب في مصر إلى فترة الفتح الإسلامي، حيث تم إنشاؤها لتعليم الصغار قراءة القرآن الكريم وحفظه، بالإضافة إلى مبادئ اللغة العربية مثل القراءة والكتابة.
ومع مرور الوقت، أصبحت الكتاتيب جزءًا أساسيًا من الثقافة المصرية وامتدت إلى جميع القرى والمدن، حيث كان شيخ الكُتّاب يُعد شخصية ذات مكانة مجتمعية مرموقة.
وظيفة الكتاتيب
كانت الكتاتيب تركز على:
1. تحفيظ القرآن الكريم: حيث كان حفظ القرآن الكريم الهدف الرئيسي، مما جعل الكتاتيب منارة دينية وتعليمية.
2. تعليم القراءة والكتابة: أُتيح للأطفال تعلم الحروف الأبجدية وكتابتها، ما أسهم في محو الأمية بين الأجيال الناشئة.
3. تعليم مبادئ الحساب: حيث كان يتم تعليم العمليات الحسابية الأساسية لخدمة احتياجات المجتمع.
كيفية التعليم في الكتاتيب
الألواح الخشبية: كان الأطفال يتعلمون الكتابة على ألواح خشبية تُكتب عليها الأحرف والآيات باستخدام الحبر.
التكرار: إعتمدت الكتاتيب على أسلوب التكرار لحفظ النصوص، حيث يردد الأطفال الآيات بعد شيخ الكتّاب.
الدروس الجماعية: كان التعليم يتم بشكل جماعي في غرفة واحدة تجمع الطلاب من مختلف الأعمار.
دور الكتاتيب في بناء المجتمع
لعبت الكتاتيب دورًا مهمًا في بناء القيم الأخلاقية والاجتماعية، حيث لم يكن التعليم مقتصرًا على المعرفة فقط، بل شمل أيضًا غرس مبادئ الاحترام والإنضباط وحب العلم.
كما أسهمت في تحقيق العدالة الإجتماعية، إذ كانت متاحة لجميع الأطفال بغض النظر عن مستواهم الاجتماعي أو الاقتصادي.
الكتاتيب حالياً
مع ظهور المدارس النظامية في مصر خلال القرن التاسع عشر، تراجعت أهمية الكتاتيب تدريجيًا، لكنها لم تختفِ تمامًا.
ولا تزال بعض الكتاتيب قائمة حتى اليوم، خاصة في القرى والمناطق الريفية، حيث تُستخدم كوسيلة لتحفيظ القرآن الكريم وتعليم الأطفال المبادئ الدينية.
الكتاتيب تمثل صفحة مشرقة من تاريخ التعليم في مصر، فقد كانت نواة لنشر العلم والمعرفة على مر العصور. ورغم التطورات الحديثة في أنظمة التعليم، يبقى للكتاتيب مكانة خاصة في ذاكرة المصريين وتراثهم الثقافي.