فاروق الأول ملك مصر والسودان بداية واعدة ونهاية حزينة
كتبت – شيماء طه
وُلد الملك فاروق الأول في 11 فبراير 1920، وهو الابن الوحيد للملك فؤاد الأول والملكة نازلي. كان ميلاده حدثًا سعيدًا في مصر، حيث أُطلقت 21 طلقة احتفالًا، ومنح موظفو الحكومة والبنوك إجازة، كما تم العفو عن بعض المسجونين وتوزيع الصدقات على الفقراء.
نشأ فاروق في بيئة مليئة بالحرص الشديد، حيث كان محاطًا بدائرة ضيقة من الأشخاص في القصر، وشملت والدته، أخواته الأميرات، والمربية الإنجليزية الصارمة “مس إينا تايلور”.
هذه العزلة كانت نقطة ضعف في تربيته، حيث لم يُسمح له بالاختلاط مع أقرانه من أبناء الأمراء والباشوات، مما أثر سلبًا على تنشئته الاجتماعية.
منذ صغره، كان الملك فؤاد الأول حريصًا على تقديم فاروق للشعب، حيث اصطحبه في العديد من المناسبات الرسمية وعندما كان الملك فؤاد مريضًا، أناب فاروق عنه في بعض المناسبات، حيث أدّى دوره ببراعة رغم صغر سنه.
كان فاروق مُقدَّرًا أن يكون ملك المستقبل، لذا اهتمت بريطانيا بتعليمه. رغم رغبة بريطانيا في إرساله إلى كلية “إيتون” البريطانية العريقة، حالت معارضة والدته دون ذلك.
وفي النهاية، تم إرساله إلى كلية “وولويتش العسكرية” في بريطانيا لتلقي التعليم العسكري، لكنه لم يلتحق بها رسميًا بسبب صغر سنه.
في عام 1936، وأثناء وجود فاروق في بريطانيا، اشتد المرض على الملك فؤاد الأول، وتوفي في 28 أبريل من نفس العام. عاد فاروق إلى مصر ليُتوَّج ملكًا على البلاد وهو في سن صغيرة. استقبله الشعب المصري بحفاوة شديدة، وكانوا يعقدون آمالًا كبيرة على الملك الشاب.
تولى فاروق الحكم في ظل ظروف صعبة، تمثلت في الاحتلال البريطاني لمصر والتوترات السياسية الداخلية.
في 20 يناير 1938، تزوج الملك فاروق من الملكة فريدة بعد قصة حب جمعتهما، وأنجبا ثلاث بنات: الأميرات فريال، فوزية، وفادية، لكن زواجهما انتهى بالطلاق في عام 1948.
وفي عام 1951، تزوج الملك فاروق من الملكة ناريمان صادق، التي أنجبت له الابن الذي كان يتمنى، الأمير أحمد فؤاد، في 16 يناير 1952 ، ومع ذلك، لم يتمكن أحمد فؤاد من وراثة العرش لفترة طويلة، إذ قامت حركة الضباط الأحرار في 23 يوليو 1952.
أجبرت الحركة الملك فاروق على التنازل عن العرش لابنه أحمد فؤاد الذي كان يبلغ من العمر ستة أشهر فقط.
وفي 26 يوليو 1952، غادر الملك فاروق مصر على متن اليخت الملكي “المحروسة” متوجهًا إلى منفاه في إيطاليا. استقبله اللواء محمد نجيب وأعضاء حركة الضباط الأحرار بأداء التحية العسكرية، وتوديعًا لائقًا بملك سابق.
في منفاه بإيطاليا، عاش فاروق حياة مليئة بالتحديات والصعاب، حيث تدهورت علاقته بزوجته الملكة ناريمان التي عادت إلى مصر وطلبت الطلاق في عام 1954، توفي الملك فاروق في 18 مارس 1965 بشكل مفاجئ في أحد مطاعم إيطاليا، وسط شائعات بأنه قد تم اغتياله بالسم.
رغم رفض السلطات المصرية في البداية دفن فاروق في مصر، نجحت وساطة الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود في إقناع الرئيس جمال عبد الناصر بالموافقة على دفنه، لكن بشرط عدم دفنه في مدافن الأسرة العلوية بمسجد الرفاعي كما كان يرغب.
وبعد وفاة عبد الناصر وتولي الرئيس السادات الحكم، سمح السادات بتنفيذ وصية فاروق بدفنه في مدافن الأسرة بمسجد الرفاعي بجوار والده وأجداده.
انتهت حياة الملك فاروق، التي كانت مزيجًا من الفرح والآمال العريضة، بنهاية حزينة في المنفى، لكن ذكراه ظلت حاضرة في تاريخ مصر كآخر ملوك الأسرة العلوية التي حكمت البلاد.