قبيلة الماوري: حضارة عريقة في قلب نيوزيلندا
أسماء صبحي
تعد قبيلة الماوري واحدة من أبرز القبائل في المحيط الهادئ، وقد تركت بصمة تاريخية وثقافية عميقة في نيوزيلندا. ويشتهر شعب الماوري بتراثه الفريد، الذي يجمع بين الفنون القتالية، التقاليد الروحية، وفنون النحت والوشم. ورغم التحولات التي طرأت مع قدوم المستوطنين الأوروبيين، ما زالت ثقافة الماوري راسخة، حيث لعبت دورًا كبيرًا في تشكيل الهوية النيوزيلندية.
أصول قبيلة الماوري وتاريخ هجرتهم
يعود أصل الماوري إلى بولينيزيا، حيث هاجروا إلى نيوزيلندا في سلسلة من الرحلات بين القرنين الثالث والثامن الميلادي. واستقروا في الجزر الشمالية والجنوبية لنيوزيلندا، مستفيدين من الموارد الطبيعية المتاحة في الصيد والزراعة. وتطورت بينهم نظم اجتماعية معقدة، واعتمدوا على قوانين وعادات موروثة تُعرف باسم “تيكا” لتنظيم حياتهم.
تنقسم الماوري إلى قبائل متعددة تعرف بـ”إيوي”، وكل قبيلة تتفرع إلى عشائر أصغر تسمى “هابوه”. ويعتمد النظام الاجتماعي لديهم على الروابط العائلية والولاء للقبيلة. يحتل زعماء القبائل مكانة مرموقة، حيث يتمتعون بسلطات سياسية وروحية، ويحرصون على حل النزاعات وتوجيه أفراد القبيلة وفقًا للعادات والتقاليد.
الثقافة والفنون
يشتهر الماوري بعدد من الفنون التقليدية التي أصبحت رمزًا لثقافتهم، مثل:
- الوشم التقليدي (تا moko): يعد الوشم جزءًا من الهوية الشخصية والروحية، حيث يحمل دلالات حول النسب، الوضع الاجتماعي، والإنجازات الفردية.
- رقصة “الهاكا”: رقصة حماسية تؤدى جماعيًا للتعبير عن القوة والوحدة، وقد أصبحت شهيرة عالميًا بعد تبنيها من قبل فريق “أل بلاكس” للرجبي.
- النحت على الخشب: استخدم الماوريون الخشب في نحت المنازل والأسلحة، مما يعكس مهارتهم الفنية ودقة أعمالهم.
المعتقدات الروحية
يرتبط الماوري بعالم الروح بشكل عميق، إذ يؤمنون بأن الطبيعة والإنسان متحدان في كيان واحد. تعتبر بعض الأماكن مثل الجبال والأنهار مقدسة، كما يؤمنون بوجود أرواح الأجداد التي تحمي الأحياء وتوجههم. تلعب الطقوس والمناسبات الدينية دورًا كبيرًا في حياتهم، حيث يتم تكريم الأسلاف واستدعاء أرواحهم في الاحتفالات.
وصل المستوطنون الأوروبيون إلى نيوزيلندا في القرن الثامن عشر، مما أثر بشكل كبير على حياة الماوري. أدى الاستعمار إلى فقدان الكثير من أراضيهم، وتدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي لبعض القبائل. ورغم توقيع معاهدة “وايتانجي” عام 1840 بين الماوري والحكومة البريطانية، إلا أن الخلافات حول الأرض والحقوق استمرت لعقود.