المزيد

د. محمد السعيد إدريس يكتب:بايدن وترامب.. وصدمة المرشح الثالث

د. محمد السعيد إدريس يكتب:بايدن وترامب.. وصدمة المرشح الثالث

وضع تصويت الناخبين الأمريكيين في الانتخابات التمهيدية ب 15 ولاية أمريكية يوم الثلاثاء (6 مارس/ آذار الجاري)، في ما يعرف ب«الثلاثاء الكبير»، الرئيس الأمريكي جو بايدن، أمام تحديات صعبة، يمكن أن تؤشر إلى صعوبة فوزه في الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. فقد ووجه بايدن ب«صدمتين كبيرتين»، الأولى تتعلق بتأكيد تصويت «الثلاثاء الكبير» اختيار الرئيس السابق دونالد ترامب ليكون المرشح الجمهوري في الانتخابات الرئاسية المقبلة، أما الصدمة الثانية فجاءت من الناخب الديمقراطي نفسه ضد الرئيس جو بايدن، حيث واجهت حملة بايدن تصويتاً احتجاجياً لا يستهان به في ولاية مينيسوتا، وست ولايات أخرى، كشفت نسبة عالية من تصويت الناخبين ب«غير ملتزم» لإظهار المعارضة لإعادة انتخاب بايدن.

فقد احتفل ترامب عقب إعلان نتائج تصويت «الثلاثاء الكبير» بما اعتبره «ليلة مذهلة» مع اقترابه من الفوز بترشيح الحزب الجمهوري له مرشحاً رئاسياً. وكعادته، انتقد ترامب سياسات الهجرة التي تنتهجها إدارة بايدن، واصفاً إياه ب«الرئيس الأسوأ في التاريخ»، وقال لأنصاره: «سنفوز في هذه الانتخابات، وسيكون الخامس من نوفمبر أهم يوم في تاريخ بلادنا»، وشدد على أنه يتعين الفوز بهذه الانتخابات «لأنه إذا خسرنا، فلن يتبقى لنا بلد».

وكان رد بايدن، الذي فاز أيضاً في تصويت «الثلاثاء الكبير» بتأييد كل الولايات ال 15 باستثناء إقليم «ساموا»، بإصدار بيان عقب إعلان فوزه وصف فيه ترامب بأنه «تهديد للديمقراطية الأمريكية»، وقال: إن «نتائج انتخابات الليلة تترك للشعب الأمريكي خياراً واضحاً: هل سنواصل المضي قدماً، أم سنسمح لدونالد ترامب بجرنا للوراء في الفوضى والانقسام والظلام التي اتسمت بها ولايته». المعاني ذاتها حرص على تكرارها في «خطاب الاتحاد» الذي ألقاه يوم الخميس (7/3/2024)، وفي الكلمة التي وجهها إلى أنصاره الجمعة الماضية (8/3/2024) في ولاية بنسلفانيا «المتأرجحة» بين الديمقراطيين والجمهوريين، حيث هاجم بايدن ترامب بالاسم، وقال «يحاول دونالد ترامب والجمهوريون من مؤيدي (ماغا) سلب حرياتنا.. وهذه ليست مبالغة». ويشير تعبير «ماغا» إلى اختصار شعار حملة ترامب الجديد القائل «لنجعل أمريكا عظيمة مجدداً»، وأضاف: «لن نسمح بذلك».

واضح أن المنافسة ستكون شديدة بين الرجلين، لكن بايدن يواجه تحدياً أصعب داخل حزبه الديمقراطي، في وقت يواجه فيه الديمقراطيون غضب الناخب الأمريكي الديمقراطي، الذي احتج بشكل واضح في ولاية ميتشيغان في انتخاباتها التمهيدية، فصوت نحو 13% هناك لمصلحة «عدم الالتزام» لبايدن بسبب سياساته في غزة، كما شهدت ولاية مينيسوتا موجة مماثلة في «الثلاثاء الكبير»، حيث صوت 19% من الديمقراطيين هناك لمصلحة «عدم الالتزام»، في «رسالة تحذير» واضحة، ليس لبايدن فحسب، بل للديمقراطيين في الكونغرس، الذين هم أيضاً سيخوضون انتخابات تشريعية في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، ويتخوفون من خسارتهم لمقاعدهم في مجلسَي الشيوخ والنواب.

تعقيدات الانتخابات الرئاسية القادمة لا تتوقف عند حدود هاتين الصدمتين اللتين تواجهان المرشح الديمقراطي جو بايدن، هناك أيضاً تحد مشترك يواجه ترامب، كما يواجه جو بايدن، وهو العزوف الشعبي عن المشاركة في الانتخابات، وتدنّي الحماس للمرشحين، ووجود قناعة، تترسخ يوماً بعد يوم، بعدم كفاءة أي منهما الآن لتولي منصب الرئاسة، حيث تظهر استطلاعات الرأي أن معدلات التأييد لكليهما منخفضة. فالرئيس السابق ترامب، الذي يركز في دعايته ضد بايدن، على أنه متقدم في السّن (81 عاماً)، وأنه يعاني «عدم الكفاءة الذهنية»، يواجه انتقادات مشابهة هو الآخر فهو متقدم في السن أيضاً (77 عاماً)، وتلاحقه مشكلات قانونية كثيرة، وهو يدافع عن نفسه ضد 91 تهمة في أربع قضايا منفصلة، وارتكب، مثل بايدن، العديد من الأخطاء الذهنية عندما خلط مثلاً بين منافسته الجمهورية نيكي هايلي، ونانسي بيلوسي الرئيسة السابقة لمجلس النواب الأمريكي (ديمقراطية)، وعندما خلط بين بايدن وباراك أوباما. وتتخوف تيارات داخل الحزب من تصريحاته التحريضية ضد الأقليات والمهاجرين، ومن ميله إلى اتباع خطط «انتقامية» ضد خصومه السياسيين إذا فاز بالانتخابات.

وفي مواجهة هذا التحدي «المأزق» أعلنت مجموعة سياسية تحمل اسم «نو ليبلز»، يوم الجمعة الماضي، عن خطط لتقديم مرشح ثالث بديل للانتخابات الرئاسية، وأعلنت هذه المنظمة التي تصف نفسها بأنها «ليست حزباً سياسياً، ولكنها حركة وطنية للأمريكيين ذوي المنطق السليم»، أنها ستبدأ عملية اختيار مرشحها خلال الأيام المقبلة. هذه الحركة، التي تحمل شعار «لا يسار ولا يمين إلى الأمام»، تقدم نفسها على أنها «الحل للعديد من الناخبين غير الراغبين في اختيار أي من جو بايدن، أو دونالد ترامب»، وهي بذلك تهديد للمرشحين، رغم أن أوساط الحزب الديمقراطي تدرك أنها هي المعنية بهذا التحرك الانتخابي الفريد، ويخشى الديمقراطيون من أن تلقى الهوى والقبول في أوساط قطاعات رافضة واسعة أخذت تعلن عن عدم قبولها لتأييد جو بايدن، ومن ثم تؤدي إلى «تقسيم قاعدتهم الانتخابية»، لتضيف صدمة ثالثة للرئيس بايدن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى