مع استمرار الحرب.. كيف استقبل سكان قطاع غزة شهر رمضان؟
أسماء صبحي
بالتزامن مع حلول شهر رمضان، يعيش سكان قطاع غزة ظروفاً استثنائية نتيجة الحرب المستمرة في القطاع لأكثر من خمسة أشهر. وتتعقد ظروف سكان القطاع بشكل كبير بسبب نزوح ما يقدر بنحو 1.7 مليون شخص، وهم يشكلون 75% من إجمالي السكان البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، ويعيشون جميعًا في ظروف صعبة ومروعة، حسب وصف منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في فلسطين جيمي ماكغولدريك. والذي أفاد بأن مستوى الجوع وصل إلى مستويات كارثية، خاصة في شمال غزة.
وفي شهر فبراير الماضي، دخلت منظمات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة فقط إلى مناطق شمال غزة. وكانت هناك ست بعثات إنسانية من أصل 24 بعثة مقررة لتوفير المساعدات الإنسانية في تلك المناطق. وفقًا للتقرير الشهري الصادر عن مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية. هذا يؤدي إلى تفاقم أزمة الغذاء، وحتى الآن. وصل عدد الوفيات في شمال غزة بسبب سوء التغذية والجفاف إلى 20 شخصًا، وفقًا لوزارة الصحة في غزة.
واقع مأساوي
أم محمد، سيدة تعيش مع زوجها وأبنائها الأربعة في خيمة شمال القطاع. وهذه الخيمة هي المحطة العاشرة في رحلة نزوحها. حيث نزحت من منزلها في منطقة العطاطرة شمال القطاع بداية الحرب.
تنتقل أم محمد بشكل متكرر بين المدارس وملاجئ الإيواء، بسبب استهدافها بالقصف وإطلاق النار من الجانب الإسرائيلي.
تشرح السيدة أن زوجها رفض مغادرة المنطقة الشمالية، قائلة بلهجتها المحلية: “قلت لزوجي لنهاجر للجنوب، فأجابني بأنه يفضل الموت في وطننا بدلاً من الذهاب إلى الجنوب.. وحتى سكان الجنوب لا يستطيعون العودة إلى منازلهم”.
التحضير لشهر رمضان في الشمال
وبشأن التحضيرات لشهر رمضان، قالت أم محمد إنه في ظل الحرب المستمرة والأوضاع الصعبة التي يعيشها سكان قطاع غزة، لا يوجد تحضيرات معتادة لشهر رمضان. الأسر تكافح من أجل البقاء وتلبية احتياجاتها الأساسية مثل الغذاء والمأوى والأمان. قد تكون هناك بعض الجهود المحلية والدولية لتقديم المساعدات الإنسانية وتوزيع الطعام والمواد الأساسية. ولكنها غالبًا محدودة ولا تكفي لتلبية احتياجات السكان بشكل كامل.
وتابعت: “قد يحاول الأفراد الاحتفال بشهر رمضان بقدر المستطاع، وقد يتجمعون للصلاة وتبادل التهاني. وقد يتبرع البعض منهم بالصدقات والزكاة لمساعدة الفقراء والمحتاجين. ومع ذلك، يكون التركيز الأساسي للأسر على البقاء وتأمين الحاجات الأساسية للحياة اليومية”.
رمضان في جنوب غزة
وعلى الرغم من أن المناطق الجنوبية في قطاع غزة تشهد زيادة في وصول المساعدات الإنسانية من الأمم المتحدة. إلا أن هذا لم يمنع نقصًا حادًا في إمدادات الطعام بسبب الأعداد الكبيرة من النازحين والظروف الإنسانية الصعبة التي يعيشون فيها، وفقًا لتقرير الأمم المتحدة.
وتعتبر منى، وهي سيدة نازحة في رفح، أن مفهوم التحضير لرمضان غير قابل للتطبيق في ظل الظروف والواقع الذي يعاني منه أهالي غزة. وتقول: “نحن في المقام الأول بلا مأوى، كيف يمكننا التحضير لرمضان؟. الناس تعيش في خيام وبعضهم في الشوارع، والحياة الأساسية غير متوفرة”.
ومن بين الصعوبات التي ستواجه أهالي الجنوب هذا العام خلال شهر رمضان هي أزمة نقص الغاز. مما يزيد من تعقيدات عمليات الطهي إلى جانب نقص وعدم توفر الطعام في بعض الأحيان.
وتقول منى: “لا يوجد أي طريقة لحفظ الطعام، لا يوجد تيار كهربائي ولا أدوات. نحن نعد الطعام على النار، وهناك عبء أكبر على النساء في رمضان لأن عملية الطبخ تتم على النار داخل الخيام. وبعدما تجلس المرأة لتعد الطعام، يجب عليها أن تعد أيضًا الخبز. وبالتالي تحتاج إلى حوالي 6 ساعات في اليوم لإعداد الطعام لأطفالها”.
وتستدرك منى، التي تعيش مع والدها ووالدتها وأخيها وزوجها وأطفالهم الثلاثة، أثناء الحديث عن أوضاع العائلات في جنوب قطاع غزة وفي باقي الأجزاء الشمالية. وتقول: “كيف يمكننا التحدث عن التحضيرات لرمضان والأهل في الشمال ليس لديهم طحين أو أي مواد أساسية. ولا يوجد لديهم خضروات أو فواكه أو أي شيء. كل شيء محروم منه، فهم بالفعل صائمون قبل حلول رمضان”.
وبالمقارنة مع السنوات السابقة، تلخص منى الاختلاف في هذا العام بأنه “لم يبقَ أحد في منزله”. وتقول إن منازل العائلات في رفح والمناطق الوسطى في هذا الوقت أصبحت مكتظة بالسكان. وتضيف: “كل منزل يضم ما بين 40 إلى 50 شخصًا، والطعام قليل جدًا ولا يكفي. يتم توزيع الطعام على الجميع لكي يتمكنوا من تناوله. الواقع مرير قبل حلول رمضان، فكيف سيكون الوضع في رمضان؟”.