كيف كان الحب قديماً.. “الفلانتين” على الطريقة الفرعونية
أسماء صبحي
قال الفراعنة قديمًا عن الحب، إن الحب هبة من السماء تسكبه الطبيعة في كأس الحياة تلطيفًا لمزاقها المرير. وقد جسد المصري القديم معاني الوفاء والحب للأم والزوجة والابنه والمحبوبة والاهتمام باحتياجات النساء. مما يدل على فكر راقي ومشاعر متدفقة واعتزاز بمكانة المرأة.
قصائد الحب والغزل
وتقول أميمة حسين، الخبيرة في التراث، إن المصري القديم عرف قصائد الحب والغزل. فقد كتب عاشق فرعوني واصفاً محبوبته: “أنها الفريدة المحبوبة التي لا نظير لها، أجمل جميلات العالم، انظر إليها كمثل النجمة المتألقة في العام الجديد على مشارف عام طيب. تلك التي تتألق والتي تبرق بشرتها بريقاً رقيقاً ولها عينان ذواتا نظرة صافية وشفتان ذواتا نطق رقيق ولا تخرج من فمها أبدا أية كلمة تافهة”.
وأضافت حسين، أنه في الوقت نفسه وجدت قصائد تعبر عن مشاعر الغيرة التي تحرق قلب العاشقة. إذا ما غازل حبيبها فتاة أخرى ومن ثم كانت تلجأ للسحر والتعاويز لإسقاط شعر غريمتها.
وتابعت حسين، إن نص قديم اكتشفه عالم المصريات سويز، ذكر لإعداد شراب للمحبة يكفى الحصول على كمية صغيرة من دم الإصبع المجاورة للخنصر باليد اليسرى. وكان يسمى بإصبع القلب، وبناء على ذلك يتضح لنا سبب وضع خاتم الزواج في الإصبع – البنصر – باليد اليسرى في الوقت الحالي.
قصص الحب في مصر القديمة
وأشارت الخبيرة في التراث، إلى أن جدران المقابر تمتلئ بالعديد من قصص الحب والوفاء. وقد تجسد هذا الوفاء في مصر القديمة على لوحتين أثريتين في منطقة أثار هوارة في مقبرة سوبك حتب المشرف على البيت المالك. فتتصور إحدى القطعتين على الجهة اليمنى أم سوبك حتب حيث لقبها ابنها بلقب “أمه حبيبته ست الدار”. أما الجهة اليسرى من القطعة نري تصوير أخر ينم على حب هذا الرجل (سوبك حتب) لأن يكون له أطفال فقد كانت زوجته لا تنجب فقد صور ثلاثة من البنات وأعلى كل واحدة كتب (ابنته حبيبته) وبعدها كتب كلمة “معرفش” اى ( أنه يتمنى أن يكون له ذرية في العالم الآخر من بنات وأولاد لم يعلم اسمهم بعد ). أما زوجته المحبوبة فقد خلّد اسمها، فنراه على قطعة حجرية أخرى مرتبطة بهذه القطعة يصور زوجته “ابو”. وأعلاها يكتب “زوجته حبيبته ست الدار سواء أنجبت أم لم تنجب”.
وقالت: “أما أسطورة إيزيس وأوزوريس فقد جسدت معاني الحب والغيرة والخير والشر. فالغيرة دفعت الملك الشرير (ست) إلى قتل الملك الطيب (أوزوريس) وألقى بجسده فى النهر. فجاء الحب ليدفع زوجته إيزيس المخلصة لأن تبحث عن الجسد في نهر النيل بفروعه العديدة حتى عثرت عليه في أحراش الدلتا في تجسيد لرمزية لملمة جسد الحبيب. ربما عكس ما يحدث اليوم من تقطيع الجسد وبعثرته في كل مكان”.
واوضحت حسين: “اما أمنحتب الثالث تاسع ملوك الأسرة الثامنة عشرة في مصر الفرعونية. والذي يعد أحد أعظم حكام مصر على مر التاريخ والذي اهتم بالرياضة والصيد والقنص. وعرف بأنه صياد عظيم وجد قلبه من يصطاده فوقع فؤاده أسيراً لدى واحدة من عامة الشعب. وأصر على الارتباط بها والزواج منها برغم أن إصراره على الزواج من محبوبته كاد أن يفقده عرشه الملكي”.
ولفتت إلى أنه هناك أيضاً قصة حب نفرتيتي لزوجها إخناتون الذي وقفت بجانبه رغم تغييرالديانة. وذهبت معه إلى تل العمارنة رغم المعارضة التي لقيها وظلت بجواره وفية مخلصة رغم كل ما جابهته من متاعب وصعاب.
وقد خلدت جدران مقبرة نفرتاري قصة حب رمسيس، حيث يظهر هذا الحب الفياض جليًا من خلال الكلمات الرقيقة التي نقشت على جدرانها. والتي يصف فيها رمسيس الثاني زوجته الحبيبة بأنها ربة الفتنة والجمال وجميلة المحيا وسيدة الدلتا والصعيد.