المزيد

د.محمد السعيد إدريس يكتب:معادلة «الأمن للجميع» والإشكالية السورية

د.محمد السعيد إدريس يكتب:معادلة «الأمن للجميع» والإشكالية السورية

 

 

كشفت زيارة وزير الخارجية الإيرانى حسين أمير عبداللهيان، للمملكة العربية السعودية واجتماعه مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، عن مجموعة مهمة من المؤشرات تتعلق بالعلاقة يبن البلدين ومنظومة التفاعلات الإقليمية من أبرزها أن معادلة «الأمن للجميع» هي روح المصالحة السعودية- الإيرانية، وتغليب الطرفين للأخذ بسياسة «تصفير المشاكل» الثنائية السعودية- الإيرانية أولاً ثم الاتجاه إلى جعلها سياسة إقليمية كي يتحقق هدفان: الأمن المستدام والتنمية المستدامة.

 

 

السؤال المهم في هذا الخصوص هو كيف يمكن تحويل شعار «الأمن للجميع» إلى «معادلة حقيقية للتفاعلات الإقليمية فى ظل سخونة الأزمات الكثيرة المتفجرة في المنطقة وتخص الطرفين وبالتحديد التسخين الحادث في الشمال الشرقي لسوريا؛ حيث دأبت الولايات المتحدة على تنظيم وجود مستدام لها في الشرق السوري لغايات وأهداف أهمها إطالة أمد الحرب في سوريا، ومنع روسيا وإيران من تعزيز وجودهما شمال شرقي سوريا، لكن المستحدث في هذه التطورات، والذي ينبئ بتطورات قد تكون صدامية هو سعي واشنطن إلى استحداث «جسد عسكري» جديد قوامه عناصر تنظيم «داعش» المنتشرة في المنطقة، خاصة في البادية السورية، وبعض العشائر العربية، إضافة إلى قوات «قسد» الكردية، وربط كل ذلك بالقواعد والقوات الأمريكية الموجودة على الجغرافيا السورية.

 

 

في ذات الوقت اتجهت الأطراف الأخرى في المعادلة الصراعية على الأرض السورية: الجيش السوري وروسيا وإيران والميليشيات التابعة لها إلى التحرك للتخلص من الوجود العسكري الأمريكي على الأراضي السورية عبر تشكيل معادلة لاستنزاف القوات الأمريكية وتوابعها شمال شرقي سوريا من خلال تشكيل فصائل للمقاومة السورية.

 

هذه المعادلة للصراع أخذت تتحول من احتكاكات إلى مواجهة في ظل متغيرين؛ الأول هو المتغير الإيراني- السعودي في اتجاه تحسين وتطوير العلاقات منذ بيان بكين الثلاثي (10مارس/آذار 2023) بين السعودية وإيران والصين الذي لم يسفر فقط عن توجه إيراني- سعودي للتحول من الصراع والعداوة إلى الصداقة؛ بل ودخول الصين طرفاً ضامناً لهذا المسار. أما المتغير الثاني؛ فيتعلق باستعادة سوريا مقعدها في جامعة الدول العربية في السابع من مايو/أيار الماضي. يوم صدور هذا القرار، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن واشنطن «لا تعتقد بأن سوريا تستحق العودة إلى الجامعة العربية في هذه المرحلة». وبعد يومين فقط أعلن أنتوني بلينكن أن «الحكومة السورية لا تستحق العودة غير المشروطة إلى الجامعة العربية»، ولفت إلى أن الولايات المتحدة لن تطبع العلاقات مع الحكومة السورية.

 

هذان المتغيران وضعا الولايات المتحدة أمام قرار صعب. إما الاتجاه نحو الانسحاب من سوريا، وترك أمر سوريا لشعبها وللمشاركة العربية، وإما الاتجاه إلى تثبيت الوجود العسكري الأمريكي في سوريا، اعتماداً على القوة الأمريكية والحلفاء في «القوات الدولية» المشاركة في الحرب ضد «داعش» في سوريا. كما أن هذين المتغيرين حفزا سوريا وإيران، ومن خلفهما روسيا، على أن الوقت قد حان للتخلص من الوجود العسكري الأمريكي في الشمال الشرقي لسوريا ومعه الوجود العسكري التركي في الشمال الغربي لسوريا، لثقتهما بأن الأطراف العربية، خاصة السعودية لن تدعم الوجود العسكري الأمريكي في سوريا، على نحو ما كانت تأمله الولايات المتحدة للتخلص من الوجود العسكري الإيراني على الأراضي السورية.

 

تناقض الحوافز هو من يسيطر على المواجهات العسكرية المتصاعدة حالياً في الشمال السوري. ففي مايو الماضي عززت واشنطن وجودها العسكري شرقي الفرات بصواريخ «هيمارس» كما عززت قواتها وقواعدها حول حقول النفط السورية التي تسيطر عليها حركة «قسد» بدعم أمريكي، ومنذ أيام جرى تفكيك ما تبقى من خط سكك حديد دير الزور، ضمن أنباء تتوقع عزم الولايات المتحدة اتخاذ قرار حاسم قريباً يخص الوضع الميداني في سوريا.

 

أين معادلة «الأمن للجميع» الإيرانية- السعودية من هذه التطورات، خصوصاً على ضوء مخرجات اجتماع «لجنة الاتصال الوزارية العربية» الأخير بالقاهرة بين وزراء خارجية السعودية ومصر والإمارات والأردن وسوريا والأمين العام للجامعة العربية، ولقاء وزير الخارجية السعودي مع نظيره السوري فيصل المقداد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى