حوارات و تقارير

أبرزها ظهور الجماعات المتعصبة.. أسباب اختفاء الاحتفال بالمولد النبوي بالفيوم

دعاء رحيل

يحتفل العالم الإسلامي هذا الشهر  بالمولد النبوي الشريف والذي أتى بدون احتفالات شعبية في الفيوم، كما كان يحدث في الماضي. كما اختفت أيضا كل الاحتفالات بالموالد بطقوسها وعاداتها المتوارثة لسنين طويلة. ما ينطبق على الفيوم ينطبق على محافظات أخري، وتتعدد أسباب ذلك الاختفاء بين محافظة وأخرى.

احتفالات رسمية وشعبية

وفي هذا السياق قال الدكتور نبيل حنظل، الخبير السياحي، ومسؤول العلاقات العامة والسياحة في محافظة الفيوم، كانت مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي في الفيوم تنقسم إلى شقين ” رسمي، وشعبي”، حيث كان يتم الاحتفال رسميًا باستعراض كبير يشهده محافظ الفيوم ومديرها، وممثلي الأزهر والاوقاف بالمحافظة، إضافة إلى كبار المسؤولين، الذين كان يطلون من شرفه في أحد المساجد الكبرى، وهى شرفه مسجد عبد الله بك المطلة على بحر يوسف، بينما تحتشد الجماهير على جانبى البحر يوسف وفي شرفات المنازل المحيطة لترى العرض، الذى كان يتجمع فى ميدان قارون ” السواقي حاليًا”، ويبدا من أمام مسجد عبد الله بك، يتقدمه قائد العرض ممتطيًا حصانه رافعا سيفه ليقدم التمام بجاهزيه العرض وياخذ الأذن بالبدء.

وأوضح الخبير السياحي، كان العرض يتكون من عدة مجموعات تمثل الجهات المشتركة فيه وهى: ( العرض العسكرى والشرطى، ويتكون من قوات رمزية من الجيش ومعداته، وقوات رمزية أخرى من عناصر الشرطة وفرق الأطفاء، وفرق موسيقى الشرطة النحاسية وراكبي الخيول، وعرض العربات والحملات الميكانيكية التي تخدم الإقليم، مثل عربات النظافه فى الوحدات المحليه، بالإضافة إلى عرض لعربات الزهور .

كما أكد حنظل: وتستعرض المؤسسات الحكومية أنشطتها وتقديم تهانيها بالمناسبة من خلال، عربة تحمل ماكيت مزخرف يحمل شعارها، بينما يتم إذاعة بيان خدمات القطاع وإنجازاته من خلال ميكرفون مركب على عربة الزهور أو من خلال المطبوعات التى توزع على الجماهير، كما تقدم الطرق الصوفية عرضًا يتقدمه حملة أعلامها، ثم يلي ذلك موسيقات وطبول الطرق الصوفيه الراجلة أو الراكبة حيث كان بعض رجال الطرق الصوفية يركبون جمالاً يقرعون على طبول كبيره مزينة.

ثم يأتي عرض الحرفيين، وكان يقدم طابور الحرفيين عرضا لنشاط كل حرفه على عربة مزينة تحمل اسم الحرفي وعنوانه، وتستعرض مهارته من خلال ميكرفون السيارة، والإعلانات التي توزع على الجماهيىرـ وغالبا ما يجتهد كل حرفي فى تزيين سيارته، وتقديم إعلانه بشكل فكاهي.

المساجد تحتفل

بجانب العرض الرسمي، كان يقام احتفال آخر داخل المسجد بحضور كبار المسؤلين والجماهير، وتوزع الحلوى على الحاضرين إلى أن تقام الصلاة، لتبدأ بعدها حلقات الذكر حتى مطلع الفجر، أما خارج المسجد فكانت تنتشر أنشطة تجاربة مثل بيع حلوى المولد النبوي الشهيرة.

وأضاف حنظل: وفي الجانب الثقافي كانت الصالونات الثقافية والمؤسسات والمدارس والنوادي الثقافية تحتفل بهذه المناسبة، ومن أبرز الشعراء الذين ألقوا قصائد في هذه المناسبة شعراء ندوة الأدب ومنهم محمد كامل أمين ابن حنظل، مصطفى ابوهوله، عمر كيشار، محمد البسيوني كمال عليوه، ومن أشهر الخطباء محمود مصطفى، أنور عبد التواب، محمود عبد الهادي الشيخ عبد الله جبيلي، محمد ثابت، شمس الدين خفاجي المحامي.

أسباب اختفاء الاحتفال بالمولد النبوي بالفيوم

وفي سياق متصل قال الدكتور أيمن عبد العظيم، الباحث والمتخص في التراث، والذي صدرت له عدة كتب عن تراث الفيوم: أعتقد أن السبب الرئيسي في اختفاء تلك الاحتفالات يعود إلى التوسع العمراني وتطوره داخل الفيوم، حيث أن أغلب مقامات المشايخ في الفيوم تقع داخل الكتلة السكنية، في حين أن أغلب المحافظات تم التوسع العمراني في الظهير الصحراوى بها، لذا تختفي هذه الاحتفالات بها، عكس الفيوم التي كان اتساعها يتم حول البؤرة الأصلية القديمة، وكما هو معروف فإن تغير العمران دليل على التغيير الثقافي.منوها هناك سبب آخر لأختفاء الموالد، وهو اختفاء الداعمين والذين كانوا ينفقون على الموالد من تحضير الأطعمة، استقبال مشايخ الطرق الصوفية، واذكر أن احتفالًا بالمولد النبوي كان يقام في” قرية غيضان” إحدى قرى الفيوم، وكان الأهالي يطلقون عليه ” مولد غيضان”، بسبب أن من كان ينفق كامل تكاليف إقامته بشكل سنوي هو ” الشيخ منصور غيضان” الرجل الأكثر ثراء في القرية، وهو الحال الذي كان له ما يشابهه في قرى كثيرة كان بها الكثير من الموسرين الذين بوفاتهم لم يوجد من يخلفهم.

كما قال الباحث في التراث، أن أحد الأسباب الهامة لاختفاء الموالد بالفيوم وبحسب عبد العظيم، كان ظهور الجماعات الدينية التي رأت أن هذه الممارسات ” بدعة وحرام”، ومع انتشار أفكار تلك الجماعات تآكلت ثقافتنا الشعبية مع الوقت ولا يخفي على أحد أن الفيوم عانت من الجماعات الإرهابية منذ الثمانينات وهو ما ساعد في اختفاء ظاهرة الاحتفال بالموالد الشعبية بها، أما لأسباب أمنية أو لأسباب تتعلق بتغيير ثقافة الكثير الذين تبنز فكر تلك الجماعات بالفيوم أو الخوف منهم.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى