تاريخ ومزارات

“ستالينغراد” أكثر المعارك دموية في التاريخ راح ضحيتها أكثر من مليوني شخص.. اعرف القصة

دعاء رحيل
 
 
دائما تكون الحرب جزءا أساسيًا في حياة الإنسان، فقد دفعت المصالح السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الدينية الرجال والنساء دائما إلى قتل بعضهم بعضا.
 
ولسوء الحظ؛ لم يتحسن الوضع فقط، وإنما أصبحت -وبشكل دائم- التكنولوجيا العسكرية واحدة من أكثر الجوانب تطورا في البلدان ذات القوة الاقتصادية؛ “فالإنسان متخصص في صنع أسلحة قوية بشكل متزايد، لتكون هذه الأسلحة قادرة على قتل الكثير من الناس بجهد أقل”، كما يقول الباحث في التاريخ فران نافارو، في تقرير نشرته مجلة “موي هيستوريا” (muyhistoria) الإسبانية.
 

الحرب كهيكل للتاريخ

أوضح الكاتب أنه رغم أن الأمر قد يكون محزنًا بعض الشيء، فإن “الحقيقة أننا ندرس جزءا جيدا من التاريخ البشري الذي تم التعبير عنه في الحروب، إنها بمثابة نقاط تحول مفصلية نقفز بها من مرحلة تاريخية إلى أخرى”.
 
وأضاف الكاتب، “لدينا سجلات تعود إلى عام 2200 قبل الميلاد، عندما كانت هناك حرب بين غوتي والسومريين، اللتين كانتا اثنتين من الثقافات الأولى التي اكتشفها المؤرخون، ونحن نراهن على أنه إذا اكتشفنا حضارة ما قبل السومرية فسيكون لها أيضا سجل حربي”.
 
 

12 ألف معركة عبر التاريخ

فيما أوضح الكاتب أن مشروع “نوديغوت” (وهو مشروع بحثي عبر الإنترنت) يهدف إلى إنجاز كبير يتمثل في وضع كل المعارك في تاريخ البشرية على الخريطة، مشيرًا إلى أنها محاولة فاشلة، لأن قاعدة البيانات مصنوعة من خوارزمية تكتشف كل الإشارات إلى المعارك في ويكيبيديا، التي تعتبر مصدرا وخوارزمية وأداة تؤدي إلى العديد من الأخطاء مثل المواقع غير المحددة بشكل جيد على الخريطة أو -بشكل مباشر- المعارك التي ليس لها دليل تاريخي، مثل بعض المعارك المذكورة في الكتب المقدسة.
 
لكن المشروع يعطينا حقيقة يمكننا استعمالها للحصول على فكرة تقديرية للحرب؛ فقد أحصى المشروع أكثر من 12 ألف معركة عبر التاريخ.
 
ولفت الكاتب إلى أنه بالنظر إلى هذا الرقم ودون إغفال النظر إلى الكمية، بما يتجاوز التداعيات التي يمكن أن تحدث أو المشكلات التاريخية يبقى السؤال: ما أكثر المعارك دموية في التاريخ؟
 
كما أكد الكاتب أن نزاعات القرن الـ20 كانت -بلا شك- الأكثر دموية، فقد دفعت الحرب الحديثة بأسلحتها المتطورة عدد الضحايا إلى حدود لا يمكن تصورها، وتبرز الحرب العالمية الثانية -إلى حد بعيد- على أنها الصراع الذي أدى إلى أكبر عدد من القتلى، حيث يقدر عدد الوفيات بحوالي 50 مليون شخص نتيجة هذه الحرب التي حدثت بين عامي 1939 و1945.
 

معركة ستالينغراد

وتابع الكاتب أنه خلال هذه الحرب العظمى؛ وقعت المعركة التي حصدت أكبر عدد من القتلى في التاريخ: معركة ستالينغراد (فولغوغراد الحالية)، التي راح ضحيتها أكثر من مليوني شخص، لتصبح أكثر المعارك دموية في التاريخ، ولترتقي لتصبح أسطورة الحرب الوطنية العظمى لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية، وكانت نقطة تحول في الحرب العالمية الثانية.
 
فقد وقعت معركة ستالينغراد بين أغسطس 1942 وفبراير 1943؛ حيث كانت هناك 200 يوم من الحرب التي طارد فيها الموت الناس بنهم، والتي عبر عنها المؤرخ جيسوس هيرنانديز بقوله “متوسط العمر المتوقع للجندي السوفياتي في ستالينغراد كان بالكاد 24 ساعة، وفي أي جيش آخر، كان الجنود سيستسلمون أو كانوا سيهربون”.
 
كما قال الكاتب إن ألمانيا النازية وحلفاءها من المحور اشتبكوا مع الجيش الأحمر التابع للاتحاد السوفياتي للسيطرة على ستالينغراد -فولغوغراد الحالية- بعد فشل عملية بربروسا، التي أراد هتلر بها غزو الاتحاد السوفياتي وقهره.
 
وركز النازيون على ثروات المعادن والنفط في القوقاز، والمعروفة باسم العملية الزرقاء؛ حيث كانت ستالينغراد من بين جيوبها الإستراتيجية لغزوها من أجل قطع إمداد الجيش الأحمر بالموارد، بالإضافة إلى القيمة الرمزية للسيطرة على المدينة المسماة تكريمًا للزعيم السوفياتي.
 
وأدى الاشتباك إلى واحدة من أكثر المعارك دراماتيكية في التاريخ؛ فخلال تلك الأشهر شديدة البرودة، عمل الفيرماخت بجد للضغط على السوفيات، ولكن جيش الاتحاد السوفييتي -الأقل شأنا عسكريا من آلة الحرب النازية- قاوم حتى النصر، وكان الثمن الذي دفعوه لتحرير ستالينغراد باهظا للغاية، لكن التضحية كانت بمثابة بداية النهاية للنازية. فبعد هذه المعركة، اتخذ السوفيات زمام المبادرة التي من شأنها أن تؤدي بهم إلى إنهاء الحرب العالمية الثانية.
 
 

طرق للموت في ستالينغراد

في ستالينغراد -خلال الحرب العالمية الثانية- مات أكثر من مليوني شخص، والعديد من الجنود السوفيات ماتوا حتى قبل الوصول إلى ستالينغراد، فقد كان عبور نهر الفولغا، الذي تلاحقه الهجمات النازية باستمرار، خطوة متهورة، لكن الجندي الذي يتجرأ على التراجع أو الهروب يمكن أن يهاجمه ضباطه وفقًا لأمر سوفياتي ضد “الجبناء والخونة”.
 
وواجه السوفيات التفوق التقني الألماني بآلاف وآلاف الجنود، فقد كانت القوات الجوية النازية تحول المدينة إلى أنقاض، بينما كانت جثث الجانبين تعفن الغلاف الجوي، كما أنه عادة ما تفضل درجات الحرارة -18 درجة مئوية الأمراض مثل التيفوس والدوسنتاريا؛ لقد دمرت الأوبئة والجوع والبرد والهجمات المستمرة الجيوش، مما أضاف أكبر عدد من الضحايا الذين سقطوا في المعركة، وفق الكاتب.
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى