قبائل و عائلات

“بجيلة”.. قبيلة يمنية شاركت في الفتوحات الإسلامية بالشام والعراق

أسماء صبحي
 
“بجيلة” هي قبيلة قحطانية يمنية الأصل حجازية الموطن، وكان لها شأن عظيم أيام الدولة الإسـلامية الكبرى، وبطون القبيلة كثيرة ومتشعبة بسبب عراقة القبيلة، وهي منتشرة بعدة مناطق وبلدان عربية وإسلامية، لكن بطول الزمن صاروا يحملون ألقاب مأخوذة من أحد بطون أو فروع القبيلة، فمثلا أهل الطائف يلقبون بالمالكي نسبة لبطن (بني مالك)، وأهل الكويت كانوا يعرفون بالبجلان نسبة لبطن (بجالة) وغيرهم.
 

مواطن القبيلة

كانت قبيلتي بجيلة وخثعم أبناء أنمار يقيمون بغور تهامة وما يليها من ظواهر نجد قبل أن تقوم بنو مدركة بن إلياس بإجلائهم عن بلادهم، فرحلت قبيلتى بجيلة وخثعم أبناء أنمار إلى جبال السروات (جمع سراة)، وكان يسكنها قوم يقال لهم بنو ثابر، فقاتلوهم وتغلبوا عليهم، وأجلوهم عن موطنهم، فصارت السراة لبجيلة إلى أعالي تربة (وتربة مازالت تعرف بنفس الأسم).
 
وبعد أن أستولت بجيلة على السراة كانت دارهم جامعة، وأيديهم واحدة، حتى وقعت حرب بين بطون القبيلة نفسها، فتفرقت بطونها على البلاد بسبب تلك الحروب، فأستقر بعض بنو قسر في (نجران) مجاورين لبني الحارث بن كعب، وبعضهم صاروا بعمان، واستوطن قسم من بنو أحمس بالبحرين (ليست مملكة البحرين)، وسكن بالبادية فيما بين اليمامة والبحرين بطن يقال لهم الجلاعم (وهم من بطن سحمة بن سعد)، وبقوا على ذلك التفرق والشتات حتى ظهور الإسلام، فقام الصحابي جرير بن عبدالله البجلي بجمعهم .
 

موطن القبيلة بعد الإسلام

وبعد الإسلام، كان موطن قبيلة بجيلة وأخوتهم قبيلة خثعم في سروات اليمن والحجاز إلى تبالة، ثم تفرقوا أيام الفتح على الآفاق، كالعراق والشام، ولم يبق بموطنهم الأصلي إلا القليل من بطونها، ومن جبالهم (البثراء)، ومن أوديتهم (عرادات)، وهو واد ممتد أعلاه عقبة تهامه وأسفله (تربة) بين اليمن ونجد، و(تربة) واد يأخذ من السراة ويفرغ في نجران.
 
وكانت منطقة (تربة) في القرن الماضي محل نزاع بين الهاشميين الأشراف (حكام الحجاز وقتها) وبين أبن سعود (حاكم نجد) على تبعيتها، واستشهد (بن سعود) بمذهب أهلها لاثبات تبعيتها لنجد .
 
وبعد الفتوحات الإسلامية لبلاد الشام والعراق التي كان لبطون بجيلة شرف المشاركه فيها، استقر بعضهم في تلك البلاد التي صارت من أراضي الدولة الإسلامية الكبرى، وبعض بطونها سكنت أرض البحرين، وهي منطقة ساحل الخليج الغربي الممتد حتى منطقة كاظمة الكويتية.
 

بطون القبيلة

بطون قبيلة بجيلة كثيرة ومتشعبة، فهناك بطون كبيرة وواسعة تنحدر منها عدة بطون أخرى، مثل: بنو قسر بن عبقر، وبنو أحمس بن الغوث، وهناك بطون أصغر من حيث الحجم والتفريعات، مثل : بنو صهيبة، وبنو أفرك، وبنو قيس كبة، وغيرهم، وهناك بطون دخلت مع قبائل الأزد وسعد العشيرة والحارث بن كعب وغيرهم من القبائل القحطانية التي تقرب لهم من ناحية أمهم ( بجيلة بنت صعب ).
 

تاريخ القبيلة

لقبيلة بجيلة تاريخ حافل أيام الدولة الإسلامية، وبطونها لعبت دور مهم في الفتوحات الإسلامية لبلاد الشام والعراق وفارس وغيرهم من البلاد التي صارت جزء من الدولة الإسلامية الكبرى، ففي معركة اليرموك الشهيرة شاركت بطون بجيلة بقيادة قيس بن هبيرة “المكشوح” البجلي .
 
وبعد هزيمة المسلمين بموقعة الجسر طلب من عمر بن الخطاب رضي الله عنه المدد والمعونة، فأمده عمر بن الخطاب رضي الله عنه بجرير بن عبدالله البجلي على رأس فرسان من بجيلة، فتمكن جرير بن عبدالله البجلي من قتل قائد الفرس (مهران) بالمعركة التي عرفت بأسم “يوم البويب أو يوم مهران”.
 
وفي معركة القادسية الشهيرة، أبلت قبيلة بجيلة بلاء” مشهودا” لها، وكانت تمثل ربع الناس (أي ربع الجيش)، وعلى رأسهم الصحابي جرير بن عبدالله البجلي، وكانوا على ميمنة الجيش، وكان على الميسرة قيس بن مكشوح البجلي المرادي .
 
ويقول الطبري إن بأس الناس (أي قوة الجيش) كان في الجانب الذي به بجيلة، فوجه الفرس ستة عشر فيلاً للجانب الذي فيه فرسان بجيلة، فذعرت وتفرقت خيلهم وبقيت الرجال، وكادت أن تهلك بجيلة لولا مساندة فرسان قبيلة بنو أسد لهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى