كتابنا

جواد الهنداوي يكتب:بين أرادة اليمن للحق والسلام ..وأرادة مجلس الامن للحروب والابادة .

جواد الهنداوي يكتب:بين أرادة اليمن للحق والسلام ..وأرادة مجلس الامن للحروب والابادة .

ليس بجديد على اليمن واهله ارادتهم لنصرة الحق ومقارعة الظلمْ . وصفَهم الرسول ( ص ) في اكثر من مورد ومناسبة فقال عنهم ،وهو بين أصحابه ،في الطريق بين مكّة و المدينة: ” يوشك أن يطلع عليكم اهل اليمن ،كأنهم السُحاب ، هُمْ خير من في الارض ” ، (أخرجه البخاري في التاريخ 2/272 , و احمد في المسند 16724 ، والبيهقي في دلائل النبوة 353/3 ).

و من له المام بالتاريخ يعرف لما لأهل اليمن من ماضٍ عريق في الدفاع عن الإسلام والمسلمين .ولكن ، علامَ الاستعانة بالتاريخ للاستدلال على شجاعة و بأس وصبر وحميّة اهل اليمن ،والحاضر يشهدُ لهم مواقف ومواقف . ومن نكَدْ الزمان أنْ تُعّممْ عليهم امريكا صفة ” وكلاء أيران ” ،للانتقاص من شأنهم ومكانتهم واستقلالهم ، لأنّ مسارهم كان وما يزال ضّدَ الاهداف الصهيونية وضّد سياسة امريكا و إسرائيل في المنطقة ، وهذا ما يفسّرُ تعاونهم و تحالفهم مع ايران ، والوكيل هو غير الحليف ، ولا توجد في العلاقات الدولية وكلاء ، وانما حلفاء . وهل تصف امريكا الدول التي تمضي بركبها وتأتمرْ بقراراتها حلفاء ام وكلاء ؟ ( للاستزادة عن الموضوع ، مقال للسيد على محسن حميد ، سفير يمني سابق ، في  ٢٠٢٤/١/١٣ ، موقع بأسم ساحة التحرير ،وعنوان المقال ، الوكلات الحميدة و الوكلات الخبيثة في سياسات واشنطن و قطيعها ، www.sahat-altahreer.com

سيذكرُ التاريخ أنْ اليمن ، وليس الامم المتحدة ، و ليس مجلس الامن ، هو مَنْ سعى للضغط على اصحاب ارادة القتل والإجرام كي يكفّوا عن سفك الدماء في غزّة . ارادة اليمن ليس تهديد ومنع الملاحة في البحر الأحمر ، وانما فقط منع وصول البواخر إلى الكيان الصهيوني المحتل ، والذي يرتكب جرائم الابادة في غزة ، والذي يمنع دخول الطعام والماء والدواء إلى أطفال غزّة ! ولكن الادارة الأمريكية والارادة الصهيونية تروّجان في الإعلام كذباً و زورا القول إنَّ انصار الله او الحوثيين في اليمن يمنعون ويهددون ويهاجمون البواخر والسفن في البحر الأحمر !

تحسبُ امريكا العالم كُلهُ في كفّة ميزان وإسرائيل في الكّفة الثانية : تضرّرُ مصلحة إسرائيل يعني تضرّرُ مصلحة العالم . واصبحت هذه العلاقة بين مصلحة إسرائيل و مصلحة العالم واقع حال ، على اثر ما حدث و يحدثُ من تداعيات ،بعد ٢٠٢٣/١٠/٧ ، (طوفان الأقصى) ، حيث شاهدنا كيف تأهّبَ  واستنفرَ المحور الغربي وحلفائه لنصرة ولدعم كيان محتل و مغتصب و خارج عن القانون .

ما يقوم به اهل اليمن في البحر الأحمر هو من اجل  الضغط على اسرائيل و داعميها  ، كي يصل الغذاء والماء والدواء لأهل غزّة ، وهذا يعبّرُ عن ارادة شعوب العالم الحّرة ،الذين تظاهروا بالملايين ،مطالبين بوقف آلة القتل الصهيونية في غزّة .

ما يقوم به اهل اليمن هو للحيلولة دون الاستمرار والتمادي في ارتكاب جرائم الابادة ،وهو من اجل الانسانية و الحق و السلام ، بخلاف ما قام به مجلس مجلس الامن ، حين اصدر قراره رقم 2722، بتاريخ ٢٠٢٢/١/١٠ ، و أدانَ  انصار الله والحوثيين ،وكذّبَ في وصفه هجمات الحوثيين على السفن التجاريّة في البحر الأحمر ، وسمحَ لأمريكا و حلفائها بالاعتداء على اليمن .

مواقف مجلس الامن الدولي ، و منذ تأسيسه عام ١٩٤٥ ، توحي بأنهُ ” مجلس الحرب الأمريكي ” وليس مجلس الامن الدولي . جميع قراراته هي في شّنْ الحروب وفرض الحصار و العقوبات ولصالح الإمبريالية و الصهيونية والاهداف الاسرائيلية ، كان وما يزال اداة لتنفيذ مصالح الدول العظمى ، ولكن لم نتوقّع ان يلوذ بالصمت ازاء جرائم ، واستخدام اسلحّة مُحرّمة وقصف للمدنيين وقتل للاطفال ، يشهدها مجلس الامن ولأول مرّة ! لا بلْ بقراره ،المذكور أعلاه ،ضّدْ اليمن ،مجلس الامن يُعاقب الطرف الذي يقف ضّدَ جرائم الابادة .

ماهو مؤسف ومخيّب للظّنْ هو أمتناع كل من الصين وروسيا من استخدام حق الفيتو ضد مشروع القرار الأمريكي -الياباني ،الذي يدين الحوثيين وانصار الله ،و يتهمهم بتهديد الملاحة والسفن التجارية في البحر الأحمر ، ما سمح لأمريكا ومَنْ حالفها من بعض الدول بارتكاب جريمة الاعتداء على اليمن .

هل كان تقديرهما ( روسيا و الصين ) توريط امريكا في وحل اليمن ، وجرّها لمعارك بحريّة ، وربما بريّة في اليمن ؟

هل في الأمر توافق ضمني لمصالح كل من امريكا و روسيا والصين في تمرير القرار ،حيث تغض امريكا النظر عن روسيا في أوكرانيا ، و تستفاد الصين من حركة ملاحيّة في البحر الأحمر اكثرُ اماناً واقل كلفة في النقل والشحن والتأمين ،لا سيما ما يهم الصين تجارتها ونموها الاقتصادي ؟

هل سادَ الاعتقاد لدى روسيا و الصين وأصدقائهما او حلفائهما في المنطقة ( ايران وحزب الله ) ، بانَّ قرار مجلس الامن و ما تبعه من اعتداء أمريكي على اليمن لن يؤديا إلى حرب شاملة في المنطقة ، ولن يثنيّا انصار الله من استمرارهم في استهداف البواخر والسفن المُسّيرة لخدمة اسرائيل؟

ننتظرُ ، وربما هم ( روسيا و الصين وايران وحزب الله ) ينتظرون ايضاً فشل امريكي آخر في المنطقة ،يضاف إلى فشلهم السابق في حربهم وتحالفهم ضّدْ اليمن .

 * سفير عراقي سابق.رئيس المركز العربي الأوروبي للسياسات

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى