قبائل و عائلات

قبيلة بني الأفطس.. حكام بطليوس وحماة الثقافة في الأندلس

أسماء صبحي – حين تفككت الخلافة الأموية في قرطبة إلى ممالك صغيرة متصارعة برزت على الساحة أسر وقبائل عربية صنعت لنفسها مكانة مستقلة. ومن أبرز هذه القبائل قبيلة بني الأفطس الذين أسسوا مملكة بطليوس في الغرب الأندلسي، ونجحوا في جعلها مركزًا حضاريًا مهمًا. وعلى الرغم من أنهم لم يحكموا لفترات طويلة مقارنة بغيرهم إلا أن تأثيرهم ظل حاضرًا في التاريخ من خلال إنجازاتهم في السياسة والعلم والأدب.

أصول قبيلة بني الأفطس

ينتمي بنو الأفطس إلى قبائل عربية جاءت من المشرق واستقرت في الأندلس بعد الفتح. واشتهروا بالشجاعة والقدرة على القيادة مما مكنهم من السيطرة على بطليوس في فترة الاضطرابات السياسية التي أعقبت سقوط الخلافة. وقد أعطاهم موقع بطليوس الاستراتيجي على حدود البرتغال الحالية مكانة عسكرية واقتصادية مهمة.

قيام مملكة بطليوس

أسس عبد الله بن محمد بن مسلمة بن الأفطس حكم بني الأفطس في بطليوس مطلع القرن الحادي عشر. واستطاع أن يمد سلطانه على مناطق واسعة في الغرب الأندلسي. وتحولت المملكة سريعًا إلى قوة إقليمية تحسب لها حساب خاصة في مواجهة القوى المسيحية في الشمال وممالك الطوائف المجاورة.

الحياة السياسية

تخللت فترة حكم بني الأفطس صراعات كثيرة مع جيرانهم من الممالك الإسلامية مثل بني عباد في إشبيلية. إضافة إلى المواجهات المستمرة مع الممالك المسيحية في قشتالة وليون. ورغم ذلك استطاعوا أن يحافظوا على استقلال مملكتهم لعدة عقود بفضل الحصون القوية والسياسة المرنة التي اعتمدت أحيانًا على المهادنة وأحيانًا أخرى على القتال.

ازدهار العلم والأدب

أبرز ما ميز حكم بني الأفطس كان رعايتهم للعلماء والشعراء. وتحولت بطليوس في عهدهم إلى مركز علمي وأدبي يقصده المفكرون من مختلف أنحاء الأندلس. وكان ملوك بني الأفطس أنفسهم على قدر كبير من الثقافة إذ اشتهر بعضهم بنظم الشعر وكتابة الأدب. كما ازدهرت حركة الترجمة والعلوم الطبيعية والفلكية في عهدهم. مما جعل بطليوس أشبه بحاضرة فكرية رغم صغر حجمها مقارنة بقرطبة أو إشبيلية.

التحديات والنهاية

مع بروز قوة المرابطين في المغرب وعبورهم إلى الأندلس، بدأ نفوذ ملوك الطوائف يتراجع تدريجيًا. وبنو الأفطس لم يكونوا استثناءً، إذ انتهى حكمهم على يد المرابطين في أواخر القرن الحادي عشر. ورغم سقوط مملكتهم، بقي ذكرهم حيًا في كتب التاريخ كأحد النماذج التي جمعت بين السيف والقلم، وبين القوة العسكرية والرعاية الثقافية.

ويقول الدكتور عبد الرحمن البكري، الباحث في تاريخ الأندلس، إن قبيلة بني الأفطس قدمت نموذجًا فريدًا في ممالك الطوائف، حيث استطاعوا الموازنة بين متطلبات السياسة والدفاع، وبين تشجيع العلم والأدب. ومملكتهم في بطليوس وإن لم تعمر طويلاً، إلا أنها تركت إرثًا حضاريًا جعلها محط أنظار المؤرخين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى