حوارات و تقارير

الاقتصاد الأخضر في السعودية: كيف تتحول المملكة إلى مركز عالمي للطاقة النظيفة؟

أسماء صبحي – يشهد الاقتصاد السعودي تحولات نوعية في العقود الأخيرة. ومن أبرز ملامح هذه التحولات الاتجاه الجاد نحو الاقتصاد الأخضر والطاقات المتجددة. ففي ظل “رؤية السعودية 2030″، تسعى المملكة إلى تقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل. وتبني استراتيجيات طويلة المدى لتعزيز الاستدامة، وتقليل الانبعاثات الكربونية. وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة.

مفهوم الاقتصاد الأخضر

الاقتصاد الأخضر هو نموذج اقتصادي يهدف إلى تحقيق النمو المستدام عبر تقليل التأثيرات البيئية. وتعزيز استخدام الموارد المتجددة، وتقليل الانبعاثات، وخلق فرص عمل صديقة للبيئة. ويعد التحول إلى الاقتصاد الأخضر من التحديات العالمية الكبرى. لا سيما في الدول ذات الاقتصادات المعتمدة على الوقود الأحفوري مثل السعودية.

وأطلقت المملكة العديد من المشاريع والمبادرات الهادفة إلى تعزيز الطاقة المتجددة، أبرزها:

1. مشروع نيوم

مدينة “نيوم” تعد من أبرز المشاريع العملاقة التي تركز على الطاقة النظيفة والتقنيات الصديقة للبيئة. تقع على البحر الأحمر وتستخدم مصادر الطاقة المتجددة بالكامل، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين الأخضر، لتشغيل جميع مرافقها.

2. مبادرة السعودية الخضراء

أُطلقت في 2021 وتهدف إلى زراعة 10 مليارات شجرة داخل المملكة، وتخفيض الانبعاثات الكربونية بنسبة 278 مليون طن سنويًا. إلى جانب رفع نسبة الطاقة المتجددة إلى 50% من مزيج الطاقة بحلول عام 2030.

الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح

تمتلك السعودية إمكانات ضخمة في مجال الطاقة الشمسية بفضل مناخها الصحراوي المشمس طوال العام. ومن المشاريع البارزة:

مشروع سكاكا للطاقة الشمسية: أول مشروع للطاقة الشمسية تم تشغيله تجاريًا في المملكة بطاقة إنتاجية تصل إلى 300 ميغاواط، ويعد نواة لاستراتيجية تطوير الطاقة المتجددة.

مشروع دومة الجندل لطاقة الرياح: يعد أول وأكبر مشروع لطاقة الرياح في المملكة بطاقة إنتاجية تبلغ 400 ميغاواط، ويعزز تنوع مصادر الطاقة البديلة.

إنتاج الهيدروجين الأخضر

الهيدروجين الأخضر يعد مستقبل الطاقة النظيفة، وقد بدأت السعودية خطوات عملية لإنتاجه من خلال مشروع نيوم للهيدروجين الأخضر. وتبلغ تكلفته حوالي 5 مليارات دولار، ويهدف لإنتاج الهيدروجين الأخضر باستخدام الطاقة المتجددة. ليستخدم في تشغيل المركبات والمصانع والنقل الثقيل، وهو أحد أهم المشاريع العالمية في هذا المجال.

الشراكات الدولية والدور الإقليمي

تسعى السعودية إلى تعزيز تعاونها الدولي في مجالات الطاقة النظيفة من خلال توقيع اتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي بشأن تصدير الهيدروجين الأخضر، تعزيز التعاون مع الصين وألمانيا في تطوير تكنولوجيا الطاقة الشمسية، ودعم مبادرات المناخ العالمية مثل اتفاقية باريس للمناخ.

وقد صرح ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أن المملكة تهدف لتكون دولة رائدة عالميًا في الطاقة المتجددة والهيدروجين النظيف.

دعم الابتكار والتقنيات الخضراء

تستثمر المملكة في البحث العلمي والابتكار من خلال مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية (KAPSARC) لدراسة كفاءة الطاقة والاستدامة. ودعم الجامعات الوطنية لإجراء أبحاث متقدمة في مجالات الطاقة الشمسية، وكفاءة استهلاك الطاقة، وتقنيات التقاط الكربون.

وتؤدي مشاريع الطاقة المتجددة إلى خلق وظائف جديدة في مجالات تركيب وصيانة أنظمة الطاقة الشمسية والرياح، تطوير تقنيات الهيدروجين، والنقل الأخضر وإدارة النفايات.

وقد أشارت تقارير إلى أن الاقتصاد الأخضر قد يوفر ما يزيد عن 750 ألف فرصة عمل جديدة في السعودية خلال العقد المقبل.

التحديات التي تواجه الاقتصاد الأخضر

رغم التقدم الكبير، لا يزال هناك عدد من التحديات أمام السعودية لتحقيق تحول كامل نحو الاقتصاد الأخضر. أبرزها الحاجة إلى بنية تحتية متكاملة لشبكات الطاقة، تقليل الاعتماد على النفط كمصدر أساسي للدخل. مقاومة التغيير من بعض القطاعات التقليدية، وضرورة تطوير قدرات بشرية متخصصة في تقنيات الطاقة النظيفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى