المزيد

زينب بنت خزيمة: أم المساكين وملهمة الكرم في بيت النبوة

في تاريخ السيرة النبوية، تبرز أسماء أمهات المؤمنين كشخصيات لها تأثير عميق على المجتمع الإسلامي، ليس فقط من خلال قربهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل أيضاً لما حملنه من صفات كريمة ودور اجتماعي مهم. من بين هذه الأسماء تأتي السيدة زينب بنت خزيمة، التي رغم قصر فترة حياتها في بيت النبوة، تركت بصمة واضحة في تاريخ الأمة. لُقبت بـ”أم المساكين” نظراً لعطفها وكرمها الذي شمل الفقراء والمحتاجين، لتجسد صورة من صور الرحمة النبوية التي عمّت حياتها وأعمالها.

لم يمر وقت طويل على دخول حفصة بنت عمر بن الخطاب إلى بيت النبي صلى الله عليه وسلم، حتى انضمت إليها زينب بنت خزيمة، أرملة أحد شهداء قريش من المهاجرين الأولين، لتكون خامسة أمهات المؤمنين. ورغم قصر إقامتها في بيت النبي، فقد أغفلتها كتب السيرة والتاريخ، فلم تذكر عنها سوى روايات قليلة متضاربة.

يذكر الطبري أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج زينب بنت خزيمة من بني هلال في شهر رمضان، بعد أن كانت زوجة للطفيل بن الحارث الذي طلقها. وهذا يتعارض مع الرواية التي تقول إنها أرملة شهيد. كما اختلفت الروايات حول من تولى تزويجها؛ فبحسب ابن الكلبي، كانت هي من وكلت أمرها للنبي، بينما ذكر ابن هشام أن عمها قبيصة بن عمرو الهلالي هو من زوجها للنبي، بمهر قدره 400 درهم.

واختلفت الروايات أيضاً حول المدة التي قضتها زينب في بيت النبي. ففي “الإصابة” قيل إنها مكثت شهرين أو ثلاثة قبل أن تتوفى، بينما ذكر ابن الكلبي أنها تزوجت في رمضان السنة الثالثة للهجرة، وأقامت مع النبي ثمانية أشهر حتى وفاتها في ربيع الآخر السنة الرابعة للهجرة.

ورغم اختلاف المؤرخين حول تفاصيل حياتها، إلا أنهم اتفقوا على أنها كانت طيبة القلب، كريمة، ورحيمة بالفقراء، حتى لُقبت بـ”أم المساكين”. وذكر الزهري أنها اكتسبت هذا اللقب لكثرة إطعامها للفقراء، وكانت من بني عامر بن صعصعة.

ويُرجح أن زينب بنت خزيمة توفيت عن عمر يناهز الثلاثين، كما أورد الواقدي ونقل عنه ابن حجر في “الإصابة”. كانت في بيت النبي مرتاحة البال، فخورة بزواجها من رسول الله وبلقب “أم المؤمنين”، مكرسة حياتها لخدمة المساكين بعيداً عن مشاغل الحياة الأخرى.

وكما عاشت زينب بنت خزيمة بسلام، توفيت بسلام. صلى عليها النبي صلى الله عليه وسلم ودفنها في البقيع، لتكون أولى زوجاته التي تُدفن هناك. فلم يُدفن في حياته صلى الله عليه وسلم سوى السيدة خديجة في مكة، ثم زينب بنت خزيمة في المدينة، رضي الله عنهما جميعاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى