المزيد

كيف كشف الله البلاء عن نبيه أيوب؟ درس في الصبر والتوكل

 

نبي الله أيوب عليه السلام هو أحد الأنبياء الذين ضربوا أروع الأمثلة في الصبر على البلاء والابتلاء، حيث اختبره الله تعالى بأشد أنواع المحن، فابتلاه في جسده وأهله وماله، ومع ذلك لم يفقد صبره أو إيمانه. يُعدّ ابتلاء سيدنا أيوب نموذجًا عظيمًا للتوكل على الله والرضا بقضائه، حتى جاء الفرج الإلهي بعد سنوات طويلة من المعاناة.

كيف كشف الله تعالى البلاء عن نبيه أيوب عليه السلام؟

يروي ابن أبي حاتم عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: “إن نبي الله أيوب ظل في بلائه ثماني عشرة سنة، حتى رفضه الجميع، القريب منهم والبعيد، باستثناء رجلين من أصدقائه المقربين، اللذين كانا يزورانه بانتظام. وفي أحد الأيام قال أحدهما للآخر: لقد ارتكب أيوب ذنبًا عظيمًا لم يرتكبه أحد، إذ إن الله لم يرحمه طوال هذه السنوات الطويلة. وعندما زاراه لاحقًا، لم يستطع الرجل الصمت وأخبر أيوب بما قاله. فأجابه أيوب: لا أعلم ما تقول، لكن الله يعلم أني كنت أرى رجلين يتجادلان فيذكران اسم الله، فأعود إلى بيتي وأكفّر عنهما خشية أن يُذكر اسم الله إلا في حق.”

كان أيوب عليه السلام يخرج لقضاء حاجته بمساعدة زوجته التي كانت تقوده حتى يعود. وفي يوم ما تأخرت عليه، فأوحى الله إلى أيوب وهو في مكانه: “ارْكُضْ بِرِجْلِكَ ۖ هَٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ” (صدق الله العظيم). وعندما تأخرت زوجته في العودة إليه، ذهبت للبحث عنه، فوجدته وقد شُفي تمامًا، وأصبح في حالة أفضل مما كان عليه قبل مرضه. فسألته: “بارك الله فيك، هل رأيت نبي الله المبتلى؟ فقد أصبح شبيهًا بك عندما كان سليمًا!” فأجابها أيوب: “أنا هو.”

وأوضح المفسرون أن قول الله تعالى “ارْكُضْ بِرِجْلِكَ ۖ” يعني أن يضرب أيوب الأرض برجله، فانبثق ينبوع من الماء البارد، وأمره الله بالاغتسال منه والشرب. وبالفعل، شُفي أيوب من كل ألمه ومرضه، الذي كان يظهر في جسده باطنًا وظاهرًا.

وروى ابن عباس أن الله ألبس أيوب حلة من الجنة، فجلس بعيدًا، وجاءت زوجته ولم تعرفه، فسألت: “أين ذهب هذا المبتلى؟ لعل الحيوانات التهمته.” وبعد أن تحدثت معه فترة، أخبرها أيوب: “أنا أيوب.” فصاحت: “هل تسخر مني؟” فردّ عليها: “أنا أيوب، وقد أعاد الله لي صحتي.” وأضاف ابن عباس أن الله ردّ لأيوب ماله وولده بأعيانهم، وأعطاه مثلهم معهم.

وفي حديث آخر رواه ابن أبي حاتم عن أبي هريرة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “عندما شفى الله أيوب، أمطر عليه جرادًا من ذهب، فبدأ يجمعها، فقيل له: يا أيوب، أما تشبع؟ فقال: يا رب، ومن يشبع من رحمتك؟”

وقال الضحاك عن ابن عباس، إن الله أعاد لزوجة أيوب شبابها وزادها في الجمال، حتى أنجبت له 26 ولدًا ذكرًا، وعاش أيوب بعد شفائه 70 سنة في أرض الروم.

وفي القرآن الكريم يقول الله تعالى: “فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ ۖ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ” (صدق الله العظيم). وأوضح المفسرون أن قصة ابتلاء سيدنا أيوب عليه السلام جاءت لتكون عبرة وتذكرة لكل من ابتُلي في جسده أو ماله أو ولده، فقد ابتُلي أيوب بأشدّ من ذلك، لكنه صبر واحتسب حتى كشف الله عنه الضر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى