مخاطر سد النهضة.. خبراء يحذرون من كارثة وشيكة بسبب الزلازل المتزايدة في إثيوبيا
أسماء صبحي
شهدت إثيوبيا خلال أسبوع واحد خمسة زلازل، محققة رقمًا قياسيًا مخيفًا في عدد الهزات الأرضية التي تتعرض لها سنويًا. حيث تعادل هذا الرقم ما كانت تواجهه إثيوبيا خلال عام كامل قبل بدء عملية ملء سد النهضة.
وفي السابق، كانت إثيوبيا تسجل ما بين “5 إلى 10 زلازل” سنويًا، إلا أن هذا العدد ارتفع بشكل كبير، ليصل إلى 38 زلزالًا في عام 2023، و20 زلزالًا في 2024 قبل انتهاء العام بثلاثة أشهر.
قنبلة نووية جديدة
وصف الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، سد النهضة بـ”قنبلة نووية جديدة” محذرًا من المخاطر الجيولوجية التي قد تترتب على هذا المشروع.
وأوضح الدكتور شراقي أن إثيوبيا تقع في منطقة نشطة زلزاليًا، إذ أن شرق إفريقيا يحتوي على أكبر فالق أرضي، وهو الأخدود الإفريقي العظيم الذي يقسم الهضبة الإثيوبية إلى قسمين. وهذه الهضبة شهدت انخسافًا في بعض المناطق بعمق يصل إلى 125 مترًا تحت سطح البحر، مما أدى إلى تكوين جبال بركانية شاهقة. وتلك التضاريس، إلى جانب الأمطار الغزيرة التي تهطل خلال الصيف، ساهمت في تكوين طبيعة جيولوجية ومناخية فريدة في المنطقة.
وأشار الدكتور شراقي، إلى أن الطبيعة الجيولوجية لإثيوبيا يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار عند إنشاء مشاريع كبيرة مثل السدود. وعندما أعلنت إثيوبيا عن بناء سد النهضة في 2011، كانت مواصفات السد أقل بكثير مما وصلت إليه اليوم، حيث زادت سعته التخزينية بسبعة أضعاف دون مراعاة لطبيعة الأرض. وبات السد الآن قريبًا من ملء سعته القصوى البالغة 60 مليار متر مكعب، ما يطرح مخاطر هندسية وجيولوجية كبيرة.
ضغط هائل على بحيرة سد النهضة
وأضاف شراقي، أن ملء بحيرة السد يضع ضغطًا هائلًا على القشرة الأرضية التي كانت تعاني من نشاط زلزالي قبل بناء السد. مشيرًا إلى أن العام الماضي شهد زيادة غير مسبوقة في عدد الزلازل، مع تسجيل 38 هزة بعد تخزين 41 مليار متر مكعب من المياه. وهذا الارتفاع الكبير في عدد الزلازل يثير تساؤلات حول العلاقة بين السد والزلازل، وهو ما يراه شراقي دليلاً على تأثير ملء السد على النشاط الزلزالي في المنطقة.
من الناحية العلمية، أوضح شراقي أن المياه التي تخزن في بحيرة السد ستتسرب إلى باطن الأرض عبر الفوالق والتشققات، مما يزيد من حركة الصفائح الأرضية ويعزز النشاط الزلزالي. وأكد أن ملء السد بكامل سعته يُشكل خطورة كبيرة، حيث قد يؤدي انهيار السد إلى كارثة طبيعية تضرب السودان.
كما أشار إلى أن التخزين الكبير للسد قد يزيد من احتمال انهياره في حال هطول أمطار غزيرة. حتى إذا فتحت إثيوبيا بوابات السد لتصريف المياه الزائدة، فقد يتسبب ذلك في فيضانات كارثية في السودان تهدد حياة الملايين. وأوصى شراقي بضرورة الحد من السعة التخزينية للسد إلى ما بين 30 و40 مليار متر مكعب لتقليل المخاطر المحتملة.