أزمة مالية تلوح في الأفق.. كيف تدفع الحرب على غزة الاقتصاد الإسرائيلي نحو الهاوية؟
يواجه الاقتصاد الإسرائيلي ضغوطًا مالية متزايدة وخطيرة، تتفاقم بشكل ملحوظ بعد مرور عام على الحرب المستمرة في غزة. ورغم التحذيرات المتكررة من المؤسسات الاقتصادية الدولية بشأن ارتفاع الديون والعجز المالي، لا تزال الحكومة الإسرائيلية مترددة في اتخاذ إجراءات ملموسة لمعالجة هذه الأزمة المتصاعدة، ما يثير مخاوف متزايدة بشأن مستقبل الاقتصاد الإسرائيلي.
تشير التقارير الاقتصادية إلى أن إسرائيل تدخل دوامة مالية سلبية بسبب غياب أي تحرك حكومي واضح. تقرير صحيفة “كالكاليست” الإسرائيلية، الذي استند إلى بيانات من مؤسسات مالية دولية، أوضح أن تدهور التصنيف الائتماني وارتفاع أسعار الفائدة على الديون الإسرائيلية، إلى جانب غياب استراتيجية حكومية متماسكة، هي عوامل رئيسية تؤدي إلى تفاقم الأزمة المالية. وبرزت هذه التحديات بوضوح عندما خفضت وكالة “موديز” التصنيف الائتماني لإسرائيل، مما يعكس المخاطر الجيوسياسية والاقتصادية المرتبطة باستمرار الحملة العسكرية على غزة.
في ظل هذه التطورات، توقعت التقارير ارتفاع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى 70%، وهو رقم أعلى بكثير من التوقعات السابقة التي قدرت النسبة بـ 50% فقط قبل الحرب. يأتي ذلك في وقت أشار فيه صندوق النقد الدولي إلى أربعة عوامل رئيسية تحدد استدامة الديون الوطنية، وهي معدلات النمو، مستويات الدين، أسعار الفائدة، والعجز المالي. كما أشار تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أن 53% من كبار الاقتصاديين يرون أن ارتفاع الديون الحكومية يشكل تهديدًا للاستقرار الاقتصادي في إسرائيل.
التقرير وصف الوضع المالي في إسرائيل بـ”فخ الديون”، حيث يؤدي العجز المتزايد إلى زيادة المخاطر وأسعار الفائدة، وهو ما يعمق من أزمات النمو الاقتصادي والإنتاجية. وفي الوقت نفسه، يشكل الإنفاق الدفاعي عبئًا إضافيًا على الميزانية الحكومية، حيث سجلت إسرائيل أعلى نسبة إنفاق دفاعي إلى الناتج المحلي الإجمالي بين الدول المتقدمة في عام 2023، مما يعزز الضغوط المالية على الاقتصاد.
رغم هذه التحديات، لا يبدو أن الحكومة الإسرائيلية تتخذ خطوات جدية لمعالجة الأزمة. فقد نفى كل من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش الحاجة لاتخاذ إجراءات عاجلة، على الرغم من التحذيرات المتكررة بشأن ارتفاع تكاليف الديون. ومع استمرار ارتفاع الطلب العالمي على الديون الحكومية، فإن غياب الحلول المالية العاجلة قد يضعف قدرة إسرائيل على الاقتراض ويزيد من تعقيد الوضع المالي.
في ظل هذا التصاعد في الأزمات الاقتصادية، أصبحت إسرائيل أمام تحدٍ كبير للحفاظ على استقرارها المالي. ويبدو أن غياب الاستجابة الحكومية الملائمة قد يؤدي إلى تدهور أعمق للاقتصاد الإسرائيلي، مع مخاوف متزايدة من تأثير طويل الأمد على استقراره في ظل ارتفاع الدين العام واستمرار التصعيد العسكري.