قبائل و عائلات

بنو حنيفة: من الوثنية إلى معركة حديقة الموت

بنو حنيفة أحد البطون الكبرى لقبيلة بكر، الذين استقروا في شمال الجزيرة العربية وكان أغلبهم يدين بالوثنية مع قلة قليلة من المسيحيين. مع مرور الزمن، انتقلوا إلى اليمامة وأسسوا مدينة حجر التي أصبحت عاصمتهم ومركز قوتهم. كانوا كغيرهم من عشائر المنطقة، يعترفون بسيادة مملكة الحيرة الخاضعة للساسانيين الفرس. وكان زعيمهم حنيفة يلعب دورًا مهمًا في تأمين الحماية للقوافل الفارسية التي تسافر من العراق إلى اليمن لتجنب غارات القبائل المعادية.

من هم بنو حنيفة

وفي العام السادس للهجرة، حدثت نقطة تحول مهمة في تاريخ هذه القبيلة، عندما وقع زعيمهم ثمامة بن آثال في قبضة مجموعة من المسلمين. وبعد أن عُرض عليه الإسلام، أسلم وأطلقوا سراحه، ليصبح من أوائل زعماء العرب الذين أعلنوا إسلامهم وانضموا إلى الدولة الإسلامية.

لكن الأبرز في تاريخ بني حنيفة هو ظهور مسيلمة الكذاب، واسمه الحقيقي هارون بن حبيب، وهو شخصية مثيرة للجدل بسبب ادعاءاته النبوية الكاذبة. أطلق عليه النبي محمد لقب “الكذاب” بعدما علم بأن مسيلمة سيعلن ارتداده عن الإسلام في وقت لاحق. وهذا ما حدث بالفعل في سنة 11 هـ، حيث ادعى مسيلمة أن النبي قد عينه خليفة له، وبدأ في نشر أفكار منحرفة، حيث أحل الزنا وشرب الخمر، وبدأ يدعي الكرامات الكاذبة لجذب أتباعه.

قام مسيلمة ببناء حديقة في اليمامة أطلق عليها “حديقة الرحمن”، التي أصبحت ملاذًا له ولأتباعه عند اندلاع المعارك مع جيوش المسلمين. وفي معركة حاسمة سُميت بـ “حديقة الموت”، اقتحم الأنصار والمهاجرون الحديقة بعد حصار طويل، ودارت معركة دامية قُتل فيها مسيلمة ومعه العديد من أتباعه، لينتهي بذلك أحد أكبر التحديات التي واجهت الدولة الإسلامية بعد وفاة النبي.

تظل قصة بني حنيفة، وبالأخص مسيلمة الكذاب، درسًا في كيفية تقلب الأحوال التاريخية من قوة وتأثير إلى هزيمة ونهاية، وهي جزء من التراث الإسلامي الحافل بالصراعات والتحولات الدينية والسياسية التي شكلت ملامح الجزيرة العربية آنذاك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى