المزيد

د. بسام أبو عبد الله يكتب:إرهاصات الزمن الصعب!

د. بسام أبو عبد الله يكتب:إرهاصات الزمن الصعب!
لا يشك اثنان الآن بأن الزمن الذي نمر به ونعيشه من أكثر اللحظات الحرجة، والحساسة في تاريخ سورية على الإطلاق، فالظروف الاقتصادية والمعيشية للسوريين في أسوأ حالاتها، لا بل يمكن القول إنها الأسوأ على الإطلاق، وهذا الوضع يجب أن يدفعنا جميعاً في كل مكان للتفكير الجدي في البحث عن المخارج التي تخفف من آلام ناسنا وشعبنا، ومحاولات البعض إلقاء المسؤوليات على هذه المؤسسة أو تلك، وذاك الشخص أو المسؤول هي نوع من تبرئة الذمة، وهروب من المسؤولية، إذ إن المطلوب إطفاء الحريق الآن، وليس البحث في أسباب نشوبه، وما عدا ذلك يبدو لي أقرب إلى التفكير العقيم الذي لن ينتج حلولاً لأحد في وقت يعتقد فيه أعداؤنا أننا نسير إلى الهاوية، وهم لن يرحمونا أبداً إذا قصّرنا، أو ألقينا التهم جزافاً على بعضنا بعضاً لأن هذا ما يريدونه، ويعملون عليه عبر وسائل التواصل الاجتماعي ليل نهار.

إذا دققنا ما الذي يجري فسنجد ما يلي:

1- ضغط أميركي هيستيري على كل الدول العربية لوقف مفاعيل عودة سورية إلى الجامعة العربية، والآثار الإيجابية التي كانت متوقعة من هذا المسار، سواء من خلال تشريعات أصدرها الكونغرس الأميركي، أم زيارات مباشرة لمسؤولين أميركيين للمنطقة، إضافة لتهديدات علنية وسرية للدول العربية.

2- زيادة الوجود العسكري الأميركي في مناطق شمال شرق سورية، وإعادة هيكلة الميليشيات التي تعمل حرساً للاحتلال، وضد أبناء شعبها، وإطلاق خلايا داعش لإعادة نشر العمليات الإرهابية، وتهديد حياة السوريين، وضرب الاستقرار النسبي الذي شعرنا به بالتدريج، إضافة لمحاولات فرض كيان انفصالي إثني، وربطه بشمال العراق، وهو ما وصفه وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في طهران: إن هذه الميليشيا أي المسماة «قسد» ميليشيا إجرامية وانفصالية.

3- السعي الأميركي المحموم لإغلاق بوابات الحدود مع العراق لقطع التواصل البري بين طهران- بغداد- دمشق، وإغلاق المجال الاقتصادي الحيوي بين دمشق وبغداد، واحتمالاته بدعم عراقي لسورية سواء باستقبال الصادرات السورية، أم تقديم دعم طاقوي ممكن، وإحياء خط كركوك- بانياس، وانضمام سورية إلى مشروع التنمية العراقي الذي هو بشكل أو آخر جزء من مبادرة «الحزام والطريق» الصينية.

4- رفع مفاعيل الحرب النفسية- الفيسبوكية على الشعب السوري بهدف كسر إرادته نهائياً، وإصابته باليأس والإحباط تمهيداً للانتقال إلى الفوضى في الشارع تحت عناوين براقة، لكن «كلمة حق يراد بها باطل»، وهو ما يمكن رصده من خلال أولئك السوريين الذين يخرجون علينا يومياً بفيديوهات تحريضية قذرة المحتوى واللغة والأسلوب، إذ يعزفون تارة على منوال طائفي، وتارة إثني، والعنوان ركوب موجه الاستياء العام لدى السوريين، وصبّ الزيت على النار، من دون طرح حلول ومبادرات، أو مساعدة الناس، وهو أقرب إلى الطابور الخامس، ذلك أننا يجب أن نفهم أن النقد مطلوب وبشدة، لكن ليس على الطريقة التي يعمل بها هؤلاء، فالنقد يجب أن يكون علمياً وموضوعياً، ويقدم حلولاً إيجابية، ومخارج للحل، وليس عبر التحريض والإثارة، وركوب آلام الناس، وضخّ موجات الإحباط واليأس لزيادة الضغط النفسي ما يؤدي إلى نتائج كارثية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى