حكاية مجزرة العائلة الملكية في نبيال.. علاقة عاطفية تقضي على أسرة بكاملها والقاتل يصبح ملكًا
أميرة جادو
تعتبر الصراعات بين “العائلات الملكية” من الأمور الشائعة على مر العصور، بما في ذلك التي نتج عنها معارك وتصفيات دامية، ولكن ما جرى في نيبال عام 2001، كان استثنائيًا تمامًا من حيث الأسباب والنتائج.
كان من الشائع أن يقاتل الأبناء على العرش، ويتفاقم الصراع بينهم على السلطة ليصل إلى وقوع حروب بين أشقاء الأعداء، ولكن كان من الشائع أيضًا حل الصراع بالاغتيالات والمؤامرات والمكائد.
مجزرة العائلة الملكية في نيبال
وفي نيبال في عام 2001، اندلع وضع أدى إلى وفاة الأسرة الحاكمة بأكملها على يد أحد أفرادها، ولم يكن السبب صراعًا على السلطة أو الثروة أو الخلافات الدينية أو الأيديولوجية وما شابه، لقد كان الأسباب استثنائية ومأساوية وغامضة للغاية.
جريمة مروعة في عائلة مالكة كانت تعد من العائلات المثالية، ملك نيبال بيرندر بير بيكرام شاه كان محبوبا وله شعبية كبيرة، وكانت عائلته ودودة ومنسجمة، كما يجب أن تكون عليه الحال في مثل هذه الأسر الملكية العريقة.
في 1 يونيو 2001، اجتمعت العائلة المالكة الهندوسية في نيبال، بكامل قوتها تقريبًا، لتناول عشاء الجمعة التقليدي، كما هو معتاد.
إلا أن العشاء لم يكن على ما يرام، حيث اختلف ولي العهد الأمير ديبندرا مجددًا مع والديه اللذين أصرّا على موقفهما رافضًا زواجه من الفتاة “ديفاني رانا”، التي تنحدر من ثاني أكبر عائلة أرستقراطية في نيبال.
علاقة عاطفية تقضي على عائلة بأكملها
اختار ولي العرش النيبالي لنفسه ابنة أحد نواب البلد، وهو من أصل هندي، وكانت عائلته منذ فترة طويلة في منافسة مع العائلة المالكة، إلى جانب أنهم مرتبطون بعلاقات مصاهرة.
لأكثر من قرن، سيطرت سلالة رانا، التي ينتمي إليها حبيبة ولي العهد، على منصب رئيس الوزراء في نيبال، ونزلت سلالة ملوك الشاه إلى دور الحكام الاسميين، لكن الوضع تغير في عام 1951، حيث نجح الملك تريبهوفان، بمساعدة الهند، بعد اضطرابات مثل الحرب الأهلية، من استعادة السلطة الملكية الفعلية إلى العرش.
أراد ابنه الملك ماهيندرا الصلح بين العائلتين، وفي عام 1970 اختار ثلاث فتيات من عائلة “رنا” كعرائس لأبنائه الثلاثة، لذا جاءت والدة الأمير ديبندرا، الملكة ايشواريا وخالاته من نفس عائلة حبيبته ديفاني رانا، لذا رأى الأمير أن لديه كل الأسباب المشروعة لطلب موافقة والديه على الزواج من فتاة من عائلة منافسة.
تفاصيل العشاء الأخير
ولكن الملك بيرندر كان لديه رأى آخر، حيث رفض هو وزوجته، زواج ابنهما من امرأة من أصول هندية، وهذا ما قالاه له في حفل العشاء الأخير.
وعندما اشتد الخلاف وكان الجميع في حالة سكر، قام الابن الأكبر للملك من على المائدة وغادر بغضب، وكان معروفًا بمزاجه العصبي، لقد جاء وذهب ليس لتهدئة روحه وتخطي وغضبه الشديد، ولكن للاستعداد للانتقام.
ذهب إلى شقته، ولبس زيًا عسكريًا مموهًا، وأخذ بندقية “إم- 16″، وعاد إلى أسرته مرة أخرى، بمجرد دخوله أطلق النار فقتل والديه وأخيه وأخته وأخواته، وشقيق الملك، وصهره، ورئيس الحرس.
بعد ذلك ، خرج ولي العهد “القاتل” إلى الحديقة، وأطلق النار على رأسه، إلا أنه لم يمت على الفور وعاش عدة أيام أخرى، كما انتخب كملكًا جديدًا لبلاده قبل موته.
التكتم على الواقعة وأعلن القاتل ولي العهد ملك
والجدير بالإشارة أن الحراس الملكيون شاهدوا الواقعة لم يتدخلوا فيما يعتبر تقليديا “شؤون الآلهة”، فملك نيبال في معتقداتهم تجسيدا حيا للإله “فيشنو” على الأرض، وعائلته كذلك.
وبهدف الحفاظ على السمعة الملكية وعصمة العائلة المالكة، لم يجرؤ أحد على إخبار شعب نيبال بالحقيقة الكاملة لما حدث، وبدلاً من ذلك، كشفت السلطات أن المدفع الرشاش انفجر من تلقاء نفسه بينما كانت العائلة المالكة تتجمع على العشاء، مما أسفر عن مقتل أفرادها، وفي نفس الليلة، أعلن القاتل ملكًا جديدًا لنيبال.
وفي ذلك الوقت، الملك الجديد “القاتل”، يرقد في غيبوبة في المستشفى حوالي 3 أيام، ولم يعلم، حيث توفى في 4 يونيو 2001.
والجدير بالذكر أن بعد وفاة ولي العهد وقاتل أسرته، تم تنصيب نييبال جيانيندرا، شقيق للملك المقتول، ليكون الملك الجديد، ولكن تزامن ذلك مع أعمال شغب كبيرة وحملة إعلامية شديدة، صورت ما حدث كما لو أن الملك الجديد متورط في تلك المذبحة الملكية.