حوارات و تقارير

العصر العباسي الثاني.. عصر نفوذ الأتراك وضعف الأوضاع الخارجية للبلاد

أسماء صبحي

زادت قوة الأتراك في الدولة في العصر العباسي الثاني؛ لأن أيديهم امتدت إلى حياة الخلفاء فقتلوا الخليفة وساقوا الخلافة إلى خليفة. فأنشبوا أظفارهم بذلك في جسم الدولة، وكانوا لا يحبون ولاية العهد للمعتز والمؤيد ابني المتوكل. فلم يزالوا بالمنتصر حتى أجبر أخويه على أن يكتبا طالبين أن يخلعا من ولاية العهد.

وبذلك وصل عجز الخليفة مداه تحت ضغط عسكر الأتراك، ويبدو أنه ندم على قتل أبيه. فإنه لا يزال يؤنب نفسه في يقظته ومنامه، ويبكي ليلاً ونهارًا ندمًا على فعلته. وهمَّ بالانتقام من قتلة أبيه ولكنه لم يستطع، ووافته المنية في 5 من ربيع آخر سنة 248هـ.

خلافة المستعين بالله

اختير المستعين بالله في ربيع الآخر 248هـ حتى محرم 252هـ، بمعرفة قادة الأتراك (بغا الصغير وبغا الكبير وأتامش). فلم يولوا أحدًا من أبناء المتوكل لئلا يغتالهم بدم أبيه، فكان أول خليفة من بني العباس لم يكن أبوه خليفة. بعد مؤسسي الدولة السفاح والمنصور، وأول خليفة تولى بعد ابن عمه.

ضعف نفوذ الخليفة وتحكم الموالي من الأتراك، فهم يعينون الوزير فإذا غضبوا عليه عزلوه وصادروا أمواله. ثم تولى أتامش أحد قواد الأتراك الوزارة. وأصبح صاحب السلطان التام فحسده أصحابه من الأتراك، فألبوا العسكر عليه فقتل أتامش وانتهبت داره.

واستوزر الخليفة بعده أبا صالح عبد الله بن محمد، وولَّى بغا الصغير فلسطين وولَّى وصيفًا الأهواز. وفي سنة 251هـ اجتمع رأي المستعين وبغا الصغير ووصيف على قتل باغر التركي. وكان من قواد الأمراء الكبار الذين باشروا قتل المتوكل، وقد اتسع إقطاعه وكثرت عماله، فقتل ونهبت أمواله.

الدولة الزيدية بطبرستان في العصر العباسي الثاني 

وفي عهد المستعين قامت الدولة الزيدية خرج الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بنواحي طبرستان. واستطاع أن يكون دولة عرفت بالدولة الزيدية بطبرستان (250هـ- 300هـ).

وفي سنة 251هـ وقعت فتنة عظيمة بين جند بغداد وجند سامراء، ودعا أهل سامراء إلى بيعة المعتز. وكان مسجونًا فأُخرِج، واستقر أمر أهل بغداد على بيعة المستعين، فصارت بغداد في جانب المستعين وسامراء في جانب المعتز. وأمر المستعين محمد بن عبد الله بن طاهر أن يحصن بغداد، وأدير حولها السور وحفرت حولها الخنادق ونصب على السور مجانيق وأسلحة كثيرة عظيمة.

بعث المعتز إلى محمد بن عبد الله بن طاهر يدعوه إلى الدخول معه، ويذكره بعهد أبيه المتوكل أن يبايع بعده المعتز، ولكن عبد الله لم يأبه لذلك. وانضم الأتراك إلى معسكر المعتز، وجرت بينهما حروب طويلة وفتنة مهولة جدًّا.

ولما تفاقم الحال جعل ابن طاهر يضغط على المستعين حتى خلع المستعين نفسه. وأرسل بن طاهر بذلك مع جماعة من الأمراء إلى المعتز بسامراء، فلما قدموا عليه بذلك أكرمهم وخلع عليهم.

الأحوال الخارجية للبلاد

وبالطبع أثرت هذه الخلافات على الأحوال الخارجية للبلاد، واستطاعت الروم أن تنزل الهزائم بالمسلمين. وقتلوا قائدين عظيمين للمسلمين من قواد الثغور هما عمر بن عبد الله الأقطع، وعلي بن يحيى الأرمني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى