حكاية مثل “عند أم ترتر”.. قصة بطلتها نفوسة الشرشوحة

أميرة جادو
تحمل الأمثال الشعبية بين طياتها الكثير من المواقف الحياتية، حيث تمتزج الحقيقة بالخيال في سياق يرسخ مفاهيم اجتماعية تصبح مع مرور الزمن بمثابة قوانين غير مكتوبة يعتمدها الناس دون الحاجة إلى تشريعات رسمية، ومن بين هذه الأمثال، يبرز مثل “عند أم ترتر”، الذي يستخدم للإشارة إلى استحالة تحقق أمر ما، أو التأكيد على صعوبة الوصول إليه وكأنه أقرب إلى الخيال.
من هي أم ترتر
تعود قصة “أم ترتر” إلى سيدة تُدعى “نفوسة”، كانت تقيم في أحد أحياء منطقة كرموز بمحافظة الإسكندرية. اشتهرت هذه السيدة بلقب “أم ترتر” لأنها اعتادت ارتداء جلباب مزين بالترتر اللامع، كما عرفت بجرأتها الشديدة ولسانها السليط، حيث كانت ترد بقسوة على أي شخص يحاول استفزازها.
لم تقتصر شهرتها على شخصيتها الحادة، بل امتدت إلى أسلوب حياتها، إذ كانت تربي الطيور فوق سطح منزلها، وعندما تحط على سطحها طيور الجيران، كانت تقوم بذبحها وإخفاء أثرها تمامًا حتى لا يتمكن أصحابها من استعادتها. وأمام استحالة العثور على الطيور المفقودة، أصبح أهالي الحي يرددون المثل ساخرين: “عند أم ترتر”، في إشارة إلى ضياع الشيء بلا عودة.
حكاية مثل “عند أم ترتر”
عرفت “أم ترتر” في منطقتها بفضل أبنائها إسماعيل وإبراهيم، ووالدهم الذي كان يعمل “عربجي حنطور” يدعى المعلم علوان أبو إسماعيل، مما زاد من شهرتها بين الأهالي وجعلها شخصية بارزة في الحي.
الأمثال الشعبية.. مرآة للمجتمع
وفي هذا الإطار، ترى الدكتورة هالة منصور، أستاذ علم الاجتماع بجامعة بنها، أن الأمثال الشعبية بمثابة قوانين اجتماعية، قلّما تخطئ، لأنها نتاج تجارب متكررة تناقلتها الأجيال على مرّ العصور، لافتة إلى أن بعض الأمثال اختفت بمرور الزمن بسبب فقدانها للمصداقية، في حين أن أمثالًا أخرى، مثل “عند أم ترتر”، لا تزال متداولة لأنها تعبر عن مواقف حقيقية تكررت عبر الأزمنة.
وأكدت “منصور”، أن ارتباط الأمثال بالأشخاص لا يعني بالضرورة ارتباطها بمهنة معينة أو منطقة محددة، بل هي انعكاس لسلوكيات وتصرفات استثنائية تحولت بفضل التكرار إلى جزء من الثقافة الشعبية.