احمد الشريف يكتب : أمريكا أخطأت في الحساب
احمد الشريف يكتب : أمريكا أخطأت في الحساب
تساؤلات كثيرة يتم طرحها هذه الأيام ليس على المستوى المحلي والإقليمي فحسب وإنما على المستوى الدولي متزامنة مع ما يقوم به اليمن من مواجهة مباشرة مع أمريكا وبريطانيا وإسرائيل في البحرين العربي والأحمر وخليج عدن نصرة للشعب الفلسطيني ولمقاومته الباسلة في قطاع غزة مفادها:
أين كان هذا اليمن بشعبه وجيشه وقيادته الشجاعة الذي نشاهده اليوم وأصبح حديث العالم كله والذي أستطاع أن يغير المعادلة في المنطقة العربية ويواجه ثلاثي الشر العالمي وهو اليمن الذي عرف عبر تاريخه بدوره الريادي وكان له إلى ما قبل قيام ثورة 26 سبتمبر عام 1962م حضور دولي فقد أقام علاقات مع الشرق والغرب وساهم في تأسيس الأمم المتحدة والجامعة العربية وحركة دول عدم الانحياز وكانت أول بعثة في الوطن العربي توجهت إلى ايطاليا لدراسة الطيران هي البعثة اليمنية في عشرينيات القرن الماضي ولم يكن معزولا عن العالم حسب ما كان يروج له الحاقدون المرتبطون بالاحتلال البريطاني في عدن ومن تشبعوا فيما بعد بأفكار القومية العربية التي كانت سببا في ضياع فلسطين وهزيمة الأمة، بل إن اليمن في منطقة الجزيرة العربية والخليج كان هو البلد الوحيد الذي يمتلك كل مقومات الدولة وكان مرشحا لقيادة العالم العربي كونه البلد المستقل ذات السيادة آنذاك وفجأة وبلا مقدمات يختفي دوره بداية من ستينيات القرن الماضي وكأن لا وجود له على الخارطة الجغرافية ليصبح نسيا منسيا لعدة عقود، وبفضل الله ثم بفضل قيادته الثورية الحكيمة هاهو اليمن اليوم يعود إلى الواجهة من جديد ويثبت من خلال شجاعة رجاله وأعمالهم البطولية بأن الشعوب الحرة ذات القرار السيادي المستقل قادرة أن تقاوم وتواجه عدوها مهما عظمت قوته وتنتصر عليه.
لقد كان اليمن فعلا موجودا وحاضرا على مر العصور وتشهد له كتب التاريخ بأدواره العظيمة بل وشهد له خير خلق الله محمد ابن عبد الله عليه الصلاة والسلام بالحكمة والإيمان ولكن بفعل التدخل الخارجي منذ بداية ستينيات القرن الماضي كاد أن يفقد هويته الوطنية والسبب أن من وضعهم الخارج على رأس الحكم في اليمن سواء كانوا محسوبين على التقدميين أم على الرجعيين لم يكن يهمهم سوى خدمة مصالحهم الخاصة وخدمة وتنفيذ الأجندة المفروضة عليهم كما يفعل بقاياهم اليوم نزلاء فنادق الرياض وأبوظبي واسطنبول والقاهرة على حساب مصلحة الشعب والوطن لدرجة أن وصل بهم الأمر إلى أن يرهنوا قراره السياسي للخارج فتم تغييبه تماما وأفقدوه الدور المؤثر الذي عرف به منذ فجر التاريخ فقد تكالبت عليه المؤامرات من الداخل والخارج وظل مغيبا لما يقارب ستة عقود لأنه لم يوفق بقيادة وطنية حكيمة وشجاعة تعيد له اعتباره مثل ما هوحال القيادة الثورية الحالية التي أتت بها ثورة 21 سبتمبر الشعبية عام 2014م ولكن لأنها حملت توجها وطنيا مغايرا لما كان يحدث في الماضي بهدف تصحيح الوضع الذي كان قائما قبل قيا مها فقد سارع اعداء اليمن الذين كان لهم مصلحة بأن يبقى اليمن مغيبا إلى تشكيل تحالف دولي برعاية أمريكية شاركت فيه أدواتها في المنطقة وتزعمته السعودية والامارات لشن عدوان ظالم على اليمن وشعبه العظيم لا يزال مستمرا للعام التاسع على التوالي ومع ذلك فقد صمد الشعب اليمني ممثلا في قواته المسلحة بمختلف أفرعها وقد لعبت القوات الصاروخية والبحرية والطيران المسير دورا كبيرا في الدفاع عن سيادة اليمن وحريته واستقلاله إلى جانب رجال الرجال المنتشرون في عشرات الجبهات الذين كان لاستبسالهم في مواجهة الأعداء بما يحملونه من سلاح الايمان والتوكل على الله الفضل الكبير في تحقيق الانتصارات المتتالية ودحر العملاء والمرتزقة المجندين من قبل أمريكا والمزودين بأحدث الأسلحة بهدف اجهاض ثورة 21 سبتمبر الشعبية وإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه في العقود السابقة.
إن اليمن اليوم بعد الانتصارات التي حققها على اعدائه في الداخل والخارج وتصدره الموقف العربي المساند والمناصر للشعب الفلسطيني في غزة أصبح مزعجا للكثير من الأنظمة عربية وغير عربية خاصة بعد تحريضه لشعوبها للثورة عليها وفضح عمالتها لأمريكا وبريطانيا واسرائيل وهو الأمر الذي جعل أمريكا الدولة العظمى في العالم أن تقود بنفسها المعركة ضد اليمن وشعبه العظيم بعد يأسها التام من تحقيق أي انتصار على أيدي أدواتها في المنطقة معتقدة بأنها بمجرد دخولها على خط النار سيسلم لها الشعب اليمني كما اعتادت أن تعمله مع شعوب أخرى تحكمها أنظمة عميلة لها ولكنها فوجئت بأنها أخطأت في الحساب غير مدركة أنها ستواجه شعب بقيادته الحكيمة والشجاعة وقواته المسلحة البطلة سيذلها أمام العالم ويكشف حقيقتها بأنها ليس ذلك البعبع المخيف وأن بالإمكان مواجهتها وهزيمتها وهذا ما حدث فعلا على أيدي اليمنيين، وفي نفس الوقت غير مستفيدة كدرس أو معتبرة بأن صمود الشعب اليمني غير المسبوق بمختلف شرائحه الاجتماعية وقواه الوطنية لمدة تسعة اعوام أمام تحالف دول العدوان الذي شكلته امريكا نفسها وأشرفت عليه وشاركت فيه وفي ظل اجواء حرب وظروف صعبة وغير آمنة دعما لأبناء الجيش ومنتسبيه من الشباب المقاتل الذين حققوا الانتصارات العظيمة في مختلف الجبهات دفاعا عن سيادة الوطن اليمني وحريته واستقلاله ورفضا لأي تدخل خارجي كما كان يحدث في السابق قد مثل رسالة بليغة وعظيمة وجهها ابناء الشعب اليمني للداخل والخارج على حد سواء وقد نزل هذا الصمود العظيم على تحالف العدوان وفي المقدمة أمريكا نزول الصاعقة لأنهم ادركوا بأن الشعب اليمني بات ولأول مرة في تاريخه الحديث رقماً صعباً في المعادلة السياسية الجديدة التي تشهدها المنطقة وكلمته أصبحت مسموعة ويحسب له الف حساب خاصة أن السلطة لم تعد مغرية والتهافت عليها كما كان حالها في العهود الماضية عندما كان الحكام يرتمون في احضان الخارج لحمايتهم، فليس هناك اليوم خطوط حمراء يمكن أن نتوقف عندها وإن كان ذلك يعتمد على ما نمتلكه من إرادة التغيير لتعويض ما فاتنا خلال العقود الماضية من صنع المستقبل الذي كنا ننشده ونتطلع إليه ويعود اليمن من جديد ليلعب الدور المطلوب منه عربيا وإسلاميا ويشكل طليعة تقود الأمة العربية نحو ما يجب عليها أن تقوم به من خدمة لقضاياها الوطنية وتحرير أنظمتها من الارتماء في احضان الدول المهيمنة على قرارها السياسي لاسيما بعد أن أثبت اليمن شعبا وجيشا وقيادة كما أشرنا آنفا بأن أمريكا التي أخافت الأنظمة الخانعة يمكن هزيمتها وبأقل القدرات طالما توافرت الإرادة الحرة للشعوب المقاومة